لم يكن مستغرباً منذ أن أوغلت قطر في بث الفوضى في عديد البلدان العربية، خلال ما عُرف بـ”الربيع العربي” بأن ينقلب السحر على الساحر، وترتد هذه الفوضى على الدوحة، التي طبقاً لمحللين ومراقبين، لعبت دوراً مشبوهاً، هدد أمن واستقرار المنطقة العربية برمتها، محاولة بذلك لعب دور إقليمي، ثبت بالدليل القاطع، أنه يفوق حجمها بكثير.
مواقف القيادة القطرية المتناقضة، تركت حتى المواطنين القطريين، في حيرة من أمرهم، حيال ما تفكر به قيادتهم، التي جرت البلاد إلى أزمة، يصعب الخروج منها، دون أن تغير تلك القيادة مواقفها، وتستجيب للغة العقل والمنطق.
وبالتالي فمن نافلة الأمور، أن تهب رياح التغيير على قطر، التي حاولت تغيير ملامح المنطقة العربية ودول الإقليم، مستعينة بذلك بأموالها الطائلة، التي أنفقت على تنظيمات أصولية وإرهابية متطرفة، لم تراع حرمة الدم العربي، حتى في الأشهر الحرم.
وبات “تنظيم الحمدين”، يلاحق بوادر الثورة الشعبية التي هبت على قطر تارة بسياسة التخويف وأخرى بأعمال الاعتقالات وثالثة بمحاولات الاسترضاء وشراء الولاءات بالمال، ورغم ذلك الغضب المتنامي والمتصاعد يوماً بعد الآخر فتكاد تكون المرة الأولى التي يختلط فيها هواء عدد من أحياء الدوحة برائحة الغاز المسيل للدموع.
وأكد سياسيون بحرينيون أن الممارسات المنحرفة للحكومة القطرية وضعت الشعب القطري المقهور في عزلة خليجية وعربية، وبحالة السأم المفضي للتذمر، مؤكدين أن هاشتاقات ارحل يا تميم، وعبدالله مستقبل قطر تعبر عن عدم رضا القطريين لسياسات حكومتهم، مشيرين إلى أن “أيقونة ارحل” التي هي من صنع الدوحة وصدرتها قناة الغدر «الجزيرة» فعادت اليوم لتصليهم نيرانها. وأوضحوا أن «الأمير تميم لا يملك من السلطة شيئاً فوجوده مثل عدمه؛ لأن السلطة عادت كما السابق إلى الحمدين وباتا فعلًا هما اللذان يسيران شؤون الدولة باتجاه الارتماء أكثر وأكثر في حضن إيران».
وقال المحلل السياسي عثمان الماجد إنه لم يعد التعتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطات القطرية على ما يمور به الواقع في المجتمع القطري مجدياً؛ ذلك أن انتشار وسائل الإعلام المختلفة في فضاء مفتوح على كل الآفاق يضع المواطن في الإمارات والسعودية والبحرين في بؤرة ما يجري لشقيقه القطري.
وأضاف “المتابع لما آل إليه وضع هذا الشعب المقهور والمرغم على اتباع سياسات تنحرف به عن محيطه الخليجي والعربي، وتضعه في حضن أعداء هذا المحيط، لا يعجب بالتأكيد من حالة السأم المفضي إلى التذمر التي بلغها خلال الفترة الماضية، وهي الفترة التي تتفاقم فيها الأزمة التي افتعلتها حكومته، وبات مجبراً على بلورة رأي موحد يفضي إلى إطلاق صرخات جماعية تصل إلى العالم أولاً وإلى أشقائه الخليجيين ثانياً”.
وأوضح الماجد “لقد عبر الشعب القطري الشقيق عن عدم رضاه من هذه السياسات من خلال هاشتاج «ارحل _ تميم» الذي احتل الترند”. وهاشتاج آخر «عبدالله _ مستقبل _ قطر»، فالهاشتاج الأول أراد القطريون من خلاله أن يوصلوا لأشقائهم الخليجيين أن الأمير تميم لا يملك من السلطة شيئاً فوجوده مثل عدمه؛ لأن السلطة عادت كما السابق إلى الحمدين وباتا فعلًا هما اللذان يسيران شؤون الدولة باتجاه الارتماء أكثر وأكثر في حضن إيران.
وأكمل: أما الهاشتاج الثاني فإن القطريين ينشدون الأمل في التغيير بمبايعة عبدالله بن علي حاكماً على قطر باعتباره الوريث الأحق باستلام السلطة أولاً، وثانياً لكي تعود قطر إلى الحضن الخليجي نظراً للمواقف الوطنية التي عُرف بها الشيخ عبدالله، وحرصه على دعم العلاقات الأخوية بين دول مجلس التعاون.
وأصبحت الأوضاع الداخلية بحسب عدد من القطريين، على صفيح ساخن، خاصة عقب قيام «تنظيم الحمدين» بتفرقة التظاهرات، المطالبة برحيل تميم، ولهذا دشن رواد «تويتر»، هاشتاغ «ارحل يا تميم»، مطالبين بتنحيه عن السلطة وتقديمه لمحاكمة عادلة لما اقترف من جرائم في حق مواطنيه والشعوب العربية. كما كشفت مصادر في المعارضة القطرية عن انتشار قوات تركية على تقاطعات الطرق الرئيسية ونصبها لحواجز تفتيش ببعض المناطق والأحياء في الدوحة، مؤكدين فرض حظر التجوال على عدد من الأحياء الأخرى في أعقاب اندلاع التظاهرات.
ويشهد النظام القطري حالة من الارتباك، مع تصاعد الضغط الشعبي، أدت إلى حملة اعتقالات تطال أفراداً من الجيش وعائلة آل ثاني والمواطنين، وذلك لرفضهم سياسات نظام الدوحة القائم المناوئ للموقف الخليجي والعربي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمـد التميمي، أن قطر لعبت دوراً بارزاً في تدمير وتمزيق الأوطان العربية، وحاولت تمرير الإرهاب الذي ضرب المنطقة، على أنه «ثورة» أو«ربيع عربي» لكن سرعان ما تكشفت الحقائق، حول دورها التدميري في الوطن العربي، ودعمها لمنظمات إرهابية، وما تواجهه الدوحة اليوم، هو نتاج سياستها، ولم يكن مستبعداً يوماً، أن يأتي الدور على قطر، التي أفاقت لتجد نفسها أمام فوضى، هي من زرع بذورها في بلدان عربية كانت آمنة مطمئنة.
وبيّن التميمي أن تاريخ قطر حافل بالانقلابات، ولهذا حاولت نقل تجاربها إلى دول عربية أخرى، بوهم التغيير، فأغرقت عدة عواصم عربية بحالة غير مسبوقة من الفوضى، وهو ما انعكس سلباً على قضايا أكثر أهمية، يبرز في مقدمتها القضية الفلسطينية، التي كادت تلفظ أنفاسها، في خضم الأحداث التي سادت دولاً عربية عديدة، تحت مسميات عدة، كالحرية والتغيير وغير ذلك، وبعد سنوات، على ربيعها «الوهمي» تجني قطر ما زرعته بأيديها في المنطقة العربية، وسط مطالبات برحيل أميرها تميم.
المصدر: صحيفة البيان