صادق المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان) السبت على الفصول الخمسة الأولى من الدستور الجديد للبلاد ورفض في الوقت نفسه مقترحات بتضمين الدستور نصا يعتبر الإسلام “المصدر الأساسي” للتشريع.
ومن أصل 149 نائبا شاركوا في عملية الاقتراع صوت 146 بنعم على الفصل الأول من الدستور.
ويقول هذا الفصل إن “تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. لا يجوز تعديل هذا الفصل”.
واحتفظ المجلس التأسيسي بذلك بنفس صيغة الفصل الأول من دستور 1959 (أول دستور بعد الاستقلال) مع إضافة عبارة جديدة إليه هي “لا يجوز تعديل هذا الفصل”.
واقترح محمد الحامدي النائب عن حزب “تيار المحبة” إضافة نص إلى الفصل الأول من الدستور يقول إن الإسلام هو “لمصدر الأساسي للتشريعات في تونس.
كما اقترح النائب مولدي الزيدي (مستقل) أن ينص الفصل الأول من الدستور على أن القرآن والسنة (هما) المصدر الأساسي للتشريعات في تونس.
ولكن أغلبية النواب صوتت ضد كلا المقترحين.
وكانت حركة النهضة الإسلامية الحاكمة وصاحبة أغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي (90 مقعدا من إجمالي 217) طالبت في 2012 بتضمين الدستور نصا يعتبر الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا من مصادر التشريع في تونس.
وقوبل مطلب الحركة وقتئذ بمعارضة شديدة من منظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة العلمانية التي اتهمت النهضة بالسعي إلى إقامة دولة “دينية” في تونس.
وفي مارس 2012 أعلنت حركة النهضة تخليها عن هذا المطلب وموافقتها على مقترح من المعارضة بالإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959 دون تغيير.
وفي جلسة السبت أقر المجلس التأسيسي أيضا الفصول 2 و3 و4 و5 من الدستور.
ويقول الفصل الثاني الذي أصرت المعارضة على تضمينه في الدستور إن “تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون. لا يجوز تعديل هذا الفصل”.
وترى المعارضة العلمانية أن مدنية الدولة في تونس أصبحت مهددة منذ وصول حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم نهاية 2011. وقد زاد تخوفها هذا بعد حديث حمادي الجبالي الأمين العام للحركة عن “خلافة راشدة سادسة”.
وتقول المعارضة إن حركة النهضة لا تؤمن بمدنية الدولة وان لها مشروعا خفيا لاقامة دولة “خلافة” إسلامية في تونس، وهو ما تنفيه الحركة.
وفي نوفمبر 2011 قال حمادي الجبالي لأنصار حزبه خلال تجمع أقيم في ولاية سوسة (وسط شرق) “يا إخواني أنتم الآن أمام لحظة تاريخية، أمام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة إن شاء الله في الخلافة الراشدة السادسة”.
ويشتمل مشروع الدستور الجديد لتونس على توطئة من 6 فقرات و146 فصلا.
وليلة الجمعة – السبت صادق المجلس على التوطئة.
وفي الأول من يونيو 2013 نشر المجلس التأسيسي على موقعه الإلكتروني نسخة نهائية من مشروع الدستور.
وفي حينه رفضت المعارضة تلك النسخة واتهمت حركة النهضة بتزوير النسخة الأصلية من مشروع الدستور وتضمينها فصولا قالت انها تمهد لإقامة دولة دينية.
وفي 18 يونيو 2013 أنشأ المجلس التأسيسي “لجنة توافقات” مهمتها تحقيق توافق واسع بين المعارضة وحركة النهضة حول المسائل الخلافية الرئيسية في مشروع الدستور.
وتعطلت أعمال اللجنة بعد دخول تونس في أزمة سياسية حادة إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو 2013.
وصاغت اللجنة مؤخرا مسودة جديدة للدستور ضمّنتها العناصر التوافقية التي تم التوصل اليها.
ولا ينص “النظام الداخلي” للمجلس التأسيسي على وجود لجنة توافقات فيه.
والخميس صوت المجلس خلال جلسة عامة على إدخال تعديل على نظامه الداخلي أحدث بموجبه “لجنة التوافقات حول مشروع الدستور”.
وتتمثل مهام اللجنة في “النظر في المسائل الخلافية بخصوص مشروع الدستور واقتراح التعديلات الضرورية وإضافة فصول بتوافق أعضائها”، بحسب نص التعديل.
وبحسب التعديل، تكون توصيات لجنة التوافقات “ملزمة للكتل (النيابية في المجلس التأسيسي) بمختلف تياراتها السياسية والمجموعات الممثلة بها”.
المصدر : أ ف ب