اختار البابا فرنسيس السبت عشرين كاردينالا جديدا اتوا من القارات الخمس وهم ملتزمون بالعدالة الاجتماعية، مؤكدا ايضا المنعطف الذي سلكته الكنيسة حيث لم تعد الأكثرية المطلقة للأوروبيين.
وفي كاتدرائية القديس بطرس، وقبل أن يضع القبعة الحمراء المربعة على رؤوس الكرادلة الراكعين أمامه، دعاهم البابا الى الصمود في مجتمعاتهم عبر “التنديد الحازم بالظلم وخدمة الحقيقة بفرح”.
وطلب منهم البابا فرنسيس أيضا أن “يركزوا اهتمامهم على الأوضاع الخاصة” للأشخاص الذين يواجهون المحن والصعوبات”.
وأوصى البابا هؤلاء الكرادلة الجدد الذين يفترض أن يشكلوا نخبة الكنيسة، بأن يحبوا ما هو رفيع من دون ان يهملوا ما هو وضيع. وبتعيينهم كرادلة، يتعهدون حيث هم بمساعدة البابا حتى التضحية بحياتهم. وهذا ما يشير إليه اللون الأحمر لثيابهم.
وجلس البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر الذي استقال قبل سنتين، في الصف الأول مرتديا ثوبه الأبيض، وقد رحب به البابا فرنسيس ترحيبا حارا.
واختار البابا فرنسيس الذي انتقد بشدة في ديسمبر خمسة عشر مرضا تهدد مسؤولي الكنيسة (دسائس وفساد وابتعاد عن الحقيقة …)، شخصا واحدا من إدارة الفاتيكان، هو “وزير” الخارجية السابق، الفرنسي دومينيك مامبرتي.
ودعا البابا فرنسيس الكرادلة الجدد إلى عدم التباهي بالكبرياء وإلى التحرر من الخطر القاتل للغضب الكامن في الداخل.
وحذرهم من الوقوع في فخ التصرف الذي يتمحور حول الذات. وقال إن “من يتمحور حول ذاته يسعى حتما وراء مصلحته الخاصة، وهذا ما يبدو في نظره امرا طبيعيا”.
وبعد هذا المجمع الكنسي الثاني للبابا فرنسيس، بات عدد أعضاء مجمع الكرادلة 227، منهم 125 كاردينالا ناخبا، وبذلك باتت نخبة الكنيسة تضم كرادلة من القارات الخمس.
ولن يشكل الكرادلة الناخبون الاتون من القارة الأوروبية، الأكثرية بعد اليوم. فقد أصبح عددهم 57 كاردينالا ناخبا من أصل 125، اي 45%.
واتى 18 كاردينالا من اميركا الشمالية (بما فيها المكسيك)، و18 من أمريكا اللاتينية و15 من أفريقيا و14 من آسيا وثلاثة من جزر المحيط الهادىء.
وقد منح البابا فرنسيس “رعاة” يعايشون شؤون وشجون ابرشياتهم رتبة الكاردينالية، وهم غالبا ما يتصفون بالشجاعة ويتحدرون من ضواحي الكنيسة.
فللمرة الاولى، اختارت البابوية كاردينالا من جزر تونجا، هو سوان باتيتا بايني مافي (53 عاما)، أصغر كاردينال في المجمع المقدس، ومن بورما وبنما والرأس الأخضر.
وفي مجمعه الكنسي الأول في فبراير 2014، شدد البابا فرنسيس على الضواحي بالنسبة إلى المركز. وكوفئت ساحل العاج وبوركينا فاسو وهايتي وسان لوسي وكوتاباتو في الفيليبين.
وباختياره فرانشيسكو مونتينجرو (68 عاما) رئيس أساقفة ابرشية اجريجنتي الصقلية وبالتالي من جزيرة لامبيدوزا، الذي يولي حقوق المهاجرين عبر البحر المتوسط اهتماما كبيرا، أكد البابا اولويته التي تقضي بالتصدي للاتجار بالكائنات البشرية.
وباختياره المونسنيور بايني مافي من جزر تونجا، يؤكد أولويته لشؤون البيئة.
وأكد هذا الكاردينال لوكالة اي.ميديا “آمل في أن أتمكن من مساعدة البابا” في موضوع البيئة، مذكرا بأن جزر تونجا “هي جميعها جزر صغيرة مهددة بمواسم الأعاصير”. وسيصدر البابا فرنسيس في مستهل الصيف رسالة بابوية منتظرة حول البيئة.
ولم يختر البابا فرنسيس اي امريكي من الشمال، وخرج على التقليد الذي كان يقضي باقرار ترقية تلقائية لبعض مسؤولي الإدارة الفاتيكانية او بعض شاغلي الاسقفيات البالغة الاهمية مثل البندقية.
وهو يفضل اختيار اساقفة لا يتهيبون المجازفة، ويناضلون من اجل السلام، على غرار ما فعل في موزمبيق خوليو دوراتي لانجا، رئيس الأساقفة الفخري لتشاي-تشاي، او شارل مونغ بو رئيس اساقفة رانجون. وكذلك اختار البرتو سواريز ايندا، رئيس اساقفة موريليا الذي يعمل لبسط السلام في شمال المكسيك الذي دمرته حرب ناجمة عن تجارة المخدرات.
وقد ادهش البابا الجميع باختياره كرادلة من بلدان يشكل فيها الكاثوليك اقلية لا يعتد بها مثل بورما وجزر تونجا. وبذلك يؤكد ضرورة الاستماع إلى كل الثقافات في اطار الكنيسة، كما تنص على ذلك نظرة رسولية للرهبانية اليسوعية.
على صعيد متصل، أعلن البابا فرنسيس في ختام مجمع الكرادلة السبت انه سيعلن في 17 مايو المقبل قداسة أربع راهبات من القرن التاسع عشر، إحداهن الفرنسية جان اميلي دو فيلنوف (1811-1854) وراهبتان فلسطينيتان.
ففي 1835، أسست الراهبة الفرنسية المولودة في تولوز، رهبانية سيدة الحبل بلا دنس في كاستر (جنوب شرق فرنسا). وتتألف هذه الرهبانية من حوالى 700 راهبة وتعمل في 16 بلدا، حيث تقوم بنشاط اجتماعي واسع، في اطار خمسين مدرسة يتسجل فيها سنويا حوالى 35 الف تلميذ.
والقديسات الثلات الجديدات الاخريات، هما الراهبتان الفلسطينيتان مريم بواردي (1846-1878) وماري-الفونسين غطاس (1843-1927)، والايطالية ماريا كريستينا دل ايماكولاتا (1856-1906)
وقد ولدت مريم بواردي في 1846 في قرية إبلين في الجليل قرب الناصرة. ودخلت الرهبانية الكرملية في فرنسا، واسست في وقت لاحق الرهبانية الكرملية في بيت لحم. وولدت ماري-الفونسيتن دانيل غطاس في القدس .
وأسست رهبانية اخوات الوردية المكرسة للعمل الرعوي ومساعدة المسنين والشبان. وأسست ماريا كريستينا دل ايماكولاتا المولودة في نابولي “اخوية خدام القربان المقدس” التي اسست عددا كبيرا من الاديرة النسائية والمدارس الداخلية للبنات والمياتم والمدارس.
المصدر : أ ف ب