تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم السبت، بمرور خمسة أعوام على اعتلاء البابا تواضروس الثاني بابا الأسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الكرسي البابوي.
وفي يوم 4 نوفمبر 2012 فاز البابا تواضروس بمنصبه في القرعة الهيكلية التي جرت في الكاتدرائية المرقسية، حين سحب الطفل بيشوي جرجس الورقة التي تحمل اسمه من إناء زجاجي به أسماء 3 مرشحين لمنصب البابا، وتصادف أن يوم فوزه في القرعة الهيكيلية هو عيد ميلاده الستين ليتم تجليسه يوم 18 نوفمبر 2012.
وخلف البابا تواضروس الثاني، البابا الراحل شنودة الثالث الذي توفي في شهر مارس 2012، حيث تولى الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة منصب قائمقام البطريرك منذ وفاة البابا شنودة وحتى تجليس البابا تواضروس يوم 18 نوفمبر 2012.
ولد البابا تواضروس الثاني باسم وجيه صبحي باقي سليمان، في الرابع من نوفمبر 1952، وحصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الأسكندرية عام 1975، وحصل على بكالوريوس الكلية الإكليريكية وزمالة الصحة العالمية بإنجلترا عام 1985، وظل يعمل مديرا لمصنع أدوية تابع لوزارة الصحة بدمنهور، حتى ذهب في 20 أغسطس 1986 إلى دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وظل طالب رهبنة حتى ترهبن في 31 يوليو عام 1988، ورسم قسا في 23 ديسمبر 1989، ثم انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة في 15 فبراير 1990، ثم نال درجة الأسقف في 15 يونيو 1997.
ومنذ توليه منصبه، واصل البابا تواضروس مسيرة سلفه البابا شنودة الثالث الوطنية، حيث حافظ على دور الكنيسة الوطني في مسيرة بناء الوطن، وقاد سفينة الكنيسة الأرثوذكسية كربان حكيم وهو الدور الذي برز بشدة خلال العام الذي حكم فيه الرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية.
وفي شهر فبراير 2013 أسس قادة الكنائس المصرية “مجلس الكنائس المصرية” في خطوة انتظرها الأقباط كثيرا، ليكون لهم مجلس موحد يجمعهم ويناقشون فيه قضاياهم، واتفق ممثلو الكنائس على أن يتولى البابا تواضروس رئاسة الدورة الأولى للمجلس تقديرا له.
وكان أول اختبار حقيقي للبابا تواضروس الثاني هو الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية في أبريل 2013 في واقعة غير مسبوقة في تاريخ مصر، عقب أحداث الخصوص الطائفية، وهو الحادث الذي قابله البابا تواضروس بحكمة، واستطاع احتواء الموقف، وأخمد غضب الأقباط من الهجوم على كاتدرائيتهم.
وخلال ثورة 30 يونيو 2013 شارك البابا تواضروس في الاجتماعات التي سبقت عزل مرسي، كما كان حاضرا خلال إلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي (الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والانتاج الحربي آنذاك) بيان عزل مرسي.
وعقب فض اعتصام أنصار جماعة الإخوان الإرهابية في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر يوم 14 أغسطس 2013، شن أعضاء الجماعة الإرهابية هجمات أحرقوا ودمروا خلالها عشرات الكنائس في مختلف المحافظات، إلا أن البابا تواضروس رفض أي تدخل أجنبي في القضية، وقال عبارته الشهيرة “وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن” ودافع كثيرا عن القضية المصرية أمام الضيوف والمسؤولين الأجانب الذي زاروا مصر في تلك الفترة.
ورغم أنه حافظ على المبدأ الذي أقره البابا شنودة الثالث برفض زيارة الأقباط للقدس طالما بقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن البابا تواضروس زار القدس في نوفمبر الماضي لرئاسة قداس جنازة الأنبا أبراهام مطران القدس والشرق الأدنى لأنه كان أقدم أعضاء المجمع المقدس، كما أن مطران القدس هو من يلي بابا الأسكندرية مباشرة في ترتيب المجمع المقدس للكنيسة.
واعتذر البابا تواضروس خلال وجوده في القدس عن عدم قبول دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة رام الله، مؤكدا أنه لن يدخل الأراضي الفلسطينية او القدس زائرا إلا بصحبة شيخ الأزهر.
وخلفا للأنبا أبراهام، عين البابا تواضروس الثاني القمص ثيودور الانطوني مطرانا جديدا للكرسي الاورشليمي والشرق الأدنى باسم الانبا انطونيوس.
وقام البابا تواضروس منذ اعتلائه الكرسي الباباوي بعدة زيارات خارجية رعوية ورسمية، كانت أهمها زيارته للفاتيكان التي كانت أول زيارات الخارجية في مايو 2014، وتأتي قيمة تلك الزيارة من كونها أول زيارة لبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية للفاتيكان منذ العام 1973، كما زار البابا تواضروس عدة دول من بينها النمسا وسويسرا والإمارات وكندا وروسيا وفنلندا ولبنان.
وشهد العام الثالث من تولي البابا تواضروس منصبه قيامه بعدة زيارات مهمة أبرزها زيارته لإثيوبيا في سبتمبر الماضي ردا على زيارة البطريرك متياس الأول بطريرك إثيوبيا للقاهرة في فبراير الماضي، حيث زار البابا تواضروس هناك عدة كنائس وأديرة في ظل العلاقة القوية التي تجمع الكنيستين المصرية والإثيوبية والتي يعول عليها الكثيرون آمالا للمساعدة في حل مشكلة سد النهضة الإثيوبي.
كما زار البابا أيضا روسيا حيث التقى بكيريل الأول بطريرك الكنيسة الروسية وزار عدة كنائس وأديرة مسيحية هناك، والتقى كذلك بعدد من المسؤولين الروس، وزار البابا تواضروس أيضا أمريكا لمدة 3 أسابيع دشن خلالها عددا من الكنائس المصرية في عدة ولايات والتقى أقباط المهجر وأعضاء الجالية المصرية في أمريكا.
كما زار البابا تواضروس أيضا الإمارات العربية المتحدة، وحظي باستقبال حافل من كبار المسؤولين وحكام الإمارات، كما أرسل الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة طائرته الخاصة لتقل البابا تواضروس من القاهرة.
وفي زياراته الخارجية دشن البابا تواضروس عشرات الكنائس في كل الدول التي زارها، كما التقى عددا من كبار قادة ومسؤولي تلك الدول.
ولأول مرة منذ توليه منصبه، ونتيجة أعمال الترميم التي تجري في القاعة الرئيسية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قرر البابا تواضروس الثاني في يوليو من العام الماضي نقل عظته الاسبوعية من الكاتدرائية لتعقد بالتناوب بين كنائس مصر، وهو الأمر الذي اعتبره البابا فرصة طيبة لزيارة مختلف الكنائس ولقاء المواطنين الأقباط في مختلف الأماكن.
وخلال العام الرابع من توليه منصبه، عقد البابا تواضروس لقاء تاريخيا مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال زيارة الأخير للقاهرة في أبريل 2016 ، كما زار الكاتدرائية المرقسية عددا من قادة الدول العربية والأجنبية، منهم العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى ال خليفة الذي زار المقر البابوي لأول مرة، بالإضافة إلى رئيس توجو.
وزار البابا تواضروس أيضا في 2016 الأردن لأول مرة للمشاركة في اجتماع مجلس كنائس الشرق الأوسط، حيث حظي باستقبال حافل من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وزار البابا موقع تعميد السيد المسيح بنهر الأردن، إلى جانب عدد من المزارات المسيحية المقدسة.
وأشار البابا تواضروس إلى أن الكنيسة القبطية توسعت خارج مصر في 60 دولة حول العالم بينها كندا وأستراليا وأفريقيا، ويبلغ عدد الأساقفة والمطارنة حول العالم 122، وهناك أكثر من 50 ديرا في مصر، و10 أديرة خارج مصر، ودائما ما يشيد بابا الأسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر..مؤكدا أن هناك مؤسسة للعمل المشترك مع الأزهر تسمى بيت العائلة المصرية، حيث تعمل في المدن والقرى والمحافظات، ويلتقى عبرها القساوسة والشيوخ ويعيشون معًا ويتناقشون في كل القضايا، ما يخلق علاقات طيبة بين الجميع.
الجانب الاجتماعي للكنيسة لم يغب عن البابا تواضروس، إذ حرص على تأسيس قناة كوجي وهي قناة متخصصة للنشء والأطفال تابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وخلال العام الرابع لاعتلائه الكرسي البابوي، صدر قانون بناء وترميم الكنائس، وهي الخطوة التي انتظرها المسيحيون طويلا، وأشاد بها البابا تواضروس قائلا” إن هذا القانون جاء ليصحح خطأ دام أكثر من 160 سنة..مؤكدا أن الكنائس على أرض مصر موجودة منذ القرون الأولى فكانت المنارات ودخل الإسلام وتجاورت المآذن مع المنارات امتدادا للمسلات في العصر الفرعوني، فمصر هي معلمة فن اﻷعمدة غير المعروف في العالم كله.. فكانت المسلة في العصر الفرعوني ثم المنارة في العصر القبطي والمآذن في العصر الإسلامي”.
وأضاف البابا ” إنه قانون جاء ليضمد جراحات استمرت طويلا من أجل الاستقرار، لقد كان هناك إجماع في مجلس النواب على إقرار القانون”.
وكان العام الخامس للبابا تواضروس في قيادة الكنيسة صعبا بسبب الحوادث الإرهابية التي استهدفت الكنائس ففي شهر ديسمبر الماضي تعرضت الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية لتفجير إرهابي أدى إلى استشهاد 29 شخصا، وإصابة العشرات وكان البابا في ذلك الوقت في زيارة لليونان، قطعها وعاد فورا لأرض الوطن، كما شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في جنازة شهداء الحادث.
وفي شهر أبريل الماضي وقع تفجيران متتابعان في كنيسة مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالأسكندرية يوم أحد السعف أول أيام أسبوع الآلام أقدس أيام العام بالنسبة للمسيحيين، وكان البابا تواضروس موجودا في الكنيسة المرقسية وغادرها قبل دقائق من التفجير.
وخلف التفجيران 46 شهيدا ونحو 80 مصابا في واحدة من أكثر حوادث استهداف المسيحيين دموية.
وفي شهر مايو الماضي، شن مسلحون هجوما إرهابيا على حافلات تقل مسيحيين في المنيا؛ ما أدى لاستشهاد 9 وإصابة 24 آخرين.
وبحكمة البابا تواضروس استطاع أن يحتوى الغضب القبطي تجاه هذه الحوادث مؤكدا أن الإرهاب الأسود لن يحقق هدفه بشق وحدة الشعب المصري.
وخلال العام الخامس، استقبلت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عددا من قادة العالم، منهم البابا فرانسيس بابا الفاتيكان الذي قام بزيارة تاريخية إلى مصر، ردا على زيارة البابا تواضروس للفاتيكان، ووقع خلال زيارته على بيان للعمل على إلغاء الخلاف حول سر المعمودية بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية.
كما زار كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري(المستقيل حاليا) وعدد من الرؤساء الأفارقة الكاتدرائية.
وقام البابا تواضروس خلال العام الخامس لاعتلاء الكرسي البابوي بعدد من الزيارات الخارجية، أبرزها كان لليابان وأستراليا واستغرقت نحو 3 أسابيع حيث دشن أول كنيسة قبطية في اليابان ورسم أو كاهن من أصول يابانية.
وخلال الأسبوع الماضي، رسم البابا تواضروس 7 أساقفة جدد بعد أن أنشأ إيبارشيات جديدة لخدمة الأقباط في دول العالم المختلفة.
المصدر : أ ش أ