أثار قرار الرئيس فلاديمير بوتن بسحب الجزء الأكبر من القوات الروسية من سوريا، حالة من الجدل والتساؤلات وترك خلفه تكهنات عدة في داخل وخارج روسيا، فيما تزامن القرار مع استئناف محادثات السلام السورية في جنيف.
وأثار القرار حالة من الجدل والتساؤلات، التي دفعت الرئيس فلاديمير بوتن للقرار المفاجئ في هذا التوقيت، ما أفرز عدد من السيناريوهات سيساهم القرار في تعزيزها وفي ربطها بالموقف الدولي من الأزمة السورية ومحادثات جنيف.
ويرى مراقبون أن الموقف الروسي يأتي في إطار الضغوط الدولية على الكرملين بسب الانتقادات المتكررة، التي ترى أن أهداف العمليات العسكرية الروسية لم تأت ملبية للهدف المنشود الذي وجدت لأجله، والتي تتمحور حول القضاء على التنظيمات المتشددة وتحديدا داعش.
ومع تحقق الأهداف الرئيسية لروسيا في سوريا، فإن الانسحاب سيرسم صورة لبوتن كصانع سلام وسيساعد في تخفيف التوتر مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والدول العربية المنزعجة من العمل العسكري لموسكو.
وهناك أيضا سيناريو يربط قرار الانسحاب بالتصعيد العسكري في شرق أوكرانيا خلال الفترة الأخيرة، وبخطر تنظيم داعش والتنظيمات المتشددة في منطقة آسيا الوسطى، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، إذ يسعى بوتن إلى الخروج من اللعبة بأقل الخسائر.
وأيضا كان لافتا للنظر في القرار الروسي أنه لا يوجد تنسيق مع الجانب الأميركي، ما أثار التساؤل بشأن جدوى التنسيق الأميركي الروسي الأخير في الاجتماعات التي عقدت بين وزيري خارجية البلدين لمكافحة داعش والجماعات المتشددة في سوريا، وهل يؤثر ذلك على التعاون بين واشنطن وموسكو في اقتسام مناطق النفوذ في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
سيناريوهات أخرى تتحدث عن أن القرار الروسي جاء لدفع الحكومة السورية إلى إبداء مرونة في مواقفها خلال محادثات جنيف، في ظل أنباء تؤكد انزعاج موسكو من مواقف متعنتة صدرت مؤخرا عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
إلا أن هناك تساؤلا بات مطروحا في الساحة الدولية، وهو هل يمهد قرار الانسحاب الروسي من سوريا على مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في استمراره كرئيس للبلاد، إضافة إلى مصير مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة السورية ؟
الرئاسة السورية كان لها تعليق على هذا القرار، إذ اكدت أن موسكو ستواصل دعمها في مجال مكافحة الإرهاب وأن القرار الروسي يأتي ليتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية فقط، أما المعارضة السورية فقد رأت في القرار خطوة إيجابية، لكنها أعربت عن تشككها فيه.
وهناك سيناريو يتحدث عن أهمية القرار الروسي، إذ قد تسهم الخطوة أيضا في إنشاء توازنات جديدة في المنطقة تسهم في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد تعرضت روسيا لضغوطات اقتصادية كبيرة أدت إلى هبوط الروبل وإفلاس عدة مصارف كبرى في البلاد وعانى الاقتصاد الروسي من هشاشة وضعف في الأداء. إلا أنه مع إعلان موسكو سحب معداتها العسكرية من الأراضي السورية، تبع ذلك ارتفاع لروبل مقابل الدولار لتزيد العملة أكثر من واحد بالمئة أمام الدولار مباشرة بعد إعلان القرار، وارتفع الروبل إلى 69.83 للدولار و77.50 لليورو.