فيما يتوجه المصريون، اليوم الاثنين، إلي صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بكل الحرية والشفافية فان هناك من الشواهد والمعطيات مايبشر بأن هذه الانتخابات ستكون لحظة فارقة في الثقافة السياسية المصرية واسهاماتها في قضايا الديمقراطية بقدر ماتشكل ذروة مجد في تجسيد “الحلم المصري”.
وبقدر ما يدوي الهتاف الخالد:”تحيا مصر” في المشهد المصري الراهن بقدر مايحمل رسالة امل وايماءة تبشر بحسم “المعركة على روح مصر” لصالح المصريين في مواجهة قوى باغية تستخدم في مخططات الشر جماعات إرهابية ظلامية بغية العدوان على روح مصر وثقافتها وتغيير هويتها ومسخ حقيقتها الحضارية.
وفيما تتردد عبارة “ثقافة الديمقراطية” فى خضم المشهد المصرى الحالي ناهيك عن المتغيرات في المشهد العالمي تبدو الثقافة الوطنية المصرية مدعوة لاسهامات جديدة على هذا المضمار في بلد يقول التاريخ “انه عرف النظام السياسي لأول دولة في التاريخ “.
والانتخابات الرئاسية التي تنطلق اليوم تكتب تاريخا جديدا يضاف لسجل ثقافة الديمقراطية والتطورات الدستورية والكيانات النيابية بعد ثورة 23 يوليو 1952 واصدار دستور 1971 الذي طور من دعائم النظام النيابي الديمقراطي وصولالثورة 30 يونيو 2013 واقرار دستور جديد في الثامن عشر من يناير عام 2014 رسم قواعد بناء دولة ديمقراطية حديثة واعطى الفرصة للشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة للمشاركة بشكل كبير في الحياة السياسية كما جرت على اساسه انتخابات برلمانية شهد العالم بنزاهتها وشفافيتها وشكلت تطورا مهما في الحياة النيابية.
ولن يكون من قبيل المبالغة القول بأن ما يعتمل الآن في أعماق مصر و”كتلتها الشعبية التاريخية” مع بدء الانتخابات الرئاسية التي تستمر جولتها الأولى ثلاثة أيام سيرسم صورة مصر ويحدد ملامح مشهدها العام لسنوات طويلة قادمة ليكون عام 2018 كما قيل بحق عاما حاسما في تاريخ ومستقبل هذا الوطن.
ففي هذا العام مصر تلتقي عوامل عدة وتتفاعل معطيات ثقافية وسياسية واجتماعية-اقتصادية لتؤسس صيغة جديدة مغايرة لصيغ الماضي لتصنع مرحلة أو حقبة جديدة بما يعيد للأذهان المصطلح الثقافي “العام الفارق أو الحاسم” في أدبيات الغرب التي تتناول أعواما حاسمة في رحلة المسير والمصير للأمم والشعوب الباحثة عن الغد الأفضل.
وجاء الاقبال غير المسبوق لتصويت المصريين في الخارج في الانتخابات الرئاسية ليشكل افتتاحية ماجدة لإرادة شعب عظيم عقد العزم على تجسيد أحلامه في الواقع وكتابة مستقبل جدير بمصر.
وقد تتغير التفاصيل باختلاف السنين على مر الزمن وتبقى “الكتلة الشعبية التاريخية” التي تخرج في اكثر اللحظات خطورة لتصنع تاريخ مصر بإرادتها الغلابة ومرة أخرى تنتظر مصر “كتلتها الشعبية التاريخية” التي خرجت بالملايين في الثلاثين من يونيو عام 2013 وحالت دون مؤامرة تفكيك الدولة الوطنية لتكتب ملحمة جديدة على طريق تحقيق الحلم المصري وتجسيده على أرض الواقع.
ولعل “الحلم الوطني العام بالدولة الديمقراطية الحديثة” يتشكل الآن في ثنايا هذا المشهد المصري الفريد والهتاف الخالد “تحيا مصر” حيث كل أطياف المجتمع المصري في الشوارع والميادين تؤكد أن “الوطن أولا” وتستظل بعلم مصر ولا تلوح سوى بهذا العلم الذي يثير حنق شراذم الخارجين على ثقافة الدولة الوطنية المصرية كأقدم دولة في التاريخ الانساني.
وهذا المشهد دال في الرد الشعبي المصري على أبواق الشر وفضائيات الفتن والتحريض التي تسعى لإجهاض إنجازات المصريين ومكتسباتهم منذ ثورتهم في الثلاثين من يونيو 2013 وحلمهم النبيل بصنع مستقبل مشرق وغد أفضل بالعمل التنموي الجاد والمنتج.
وإذ يتفق المثقفون المصريون على أن “الطريق لتحقيق الحلم المصري في الغد الأفضل مفتاحه التنمية والبناء” تقول الكاتبة والأديبة سكينة فؤاد :”رهاني لم ولن يهتز أبدا على ما يدركه ملايين المصريين من قيمة وأهمية الإدلاء بصوتهم الانتخابي” مضيفة أن الصوت الانتخابي “اختيار لحفظ مصر وسلامتها ونجاتها مما خطط لها باعتبار اسقاطها الجائزة الكبرى كما أطلقوا عليه في المخطط الاستعماري الجديد لتدمير المنطقة”.
وهناك العديد من الكتب والكتابات التي تتحدث عن لحظات مفصلية في تاريخ الأوطان وأهمية اتخاذ قرارات حاسمة في لحظات بعينها بينما الواقع يكشف عن أن الثقافة السياسية المصرية مدعوة لمزيد من البحث والإسهام في سبل تحقيق الحلم الوطني المصري للتقدم وصياغة آليات لتجسيد هذا الحلم في الواقع اليومي برؤية مستقبلية قابلة للتحقيق ومجاوزة للواقع ذاته مع الدراسة العميقة لمحمولات وعمق الخطابات” في عصر الثورة الرقمية وتحدياتها واستحقاقات ومتطلبات اقتصاد المعرفة في القرن الواحد والعشرين .
ومن المنظور الثقافي التاريخي فإن العقل المصري المتمسك بثوابته الدينية كان دوما منفتحا على متغيرات الزمان ويأبى الانغلاق مدركا أن عنصر المكان أو المعطيات الجغرافية لموقع مصر ذاتها لا تسمح بمثل هذا الانغلاق أو الإقامة المستديمة في الماضي، كما أن مصر لا يمكن أن تقف عاجزة عن الإجابة عن قضايا العصر والمشاركة الفاعلة في ثورة العلوم والتكنولوجيا.
وبقدر ما حمل الهتاف الخالد :”تحيا مصر” رسالة أمل في الثقافة السياسية المصرية ورفض الشعب المصري للفاشية المتسترة بشعارات دينية والاستسلام لقوى الهيمنة ومخططات تزييف الوعي والتاريخ فإن الانتخابات الرئاسية اليوم تعيد للأذهان أهمية “الاصطفاف الوطني”.
في قلب قصة وطن وفي فاتحة الانتخابات الرئاسية يبقى حلمنا المصري متوهجا وتبقى مصر وطنا يتعلم منها العالم صنع الأحلام النبيلة كما تعلم منها عبر التاريخ الحب والحكمة..فتحيا مصر..تحيا مصر الخالدة وقد عقدت العزم على تحقيق حلمها في بناء الغد الأفضل والإجابة على أسئلة حاضرها ومستقبلها وتحديات زمنها تحت علمها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)