مستوى الزيارة كونها الأرفع فى الزيارات الرئاسية المتبادلة ، وبرنامج العمل المكثف .. ملمحان رئيسيان فى “زيارة الدولة ” التى بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسى اليوم (السبت ) لجمهورية الصين الشعبية، والتي سيجرى خلالها مباحثات قمة مع الرئيس الصينى شى جين بينج تتناول تعزيز العلاقات الثنائية فى كافة المجالات والقضايا ذات الإهتمام المشترك ، وسيشارك فى فاعليات قمة منتدى الصين إفريقيا ، وسيعقد على هامشها سلسلة من لقاءات ثنائية مع قادة وزعماء القارة السمراء .
الإقتصاد والسياسة يجتمعان فى تلك الزيارة التى ستستغرق أربعة أيام ، وتعد الخامسة التى يقوم بها الرئيس السيسي للصين منذ عام ٢٠١٤ ، والأولى فى فترة ولايته الثانية ، وتعكس نوعية الزيارة المكانة الكبرى التى تحظى بها القاهرة لدى بكين ، كما أن مشاركة مصر فى منتدى الصين إفريقيا الذى تستضيفه الصين صاحبة ثانى أكبر اقتصاد من حيث الناتج المحلى الإجمالى وأسرعها نموا على مستوى العالم ، يؤكد ادراك القيادة الصينية للمكانة التى تتبوأها مصر على النطاق الأفريقى وتقديرها لرئاسة مصر للإتحاد الإفريقى فى دورته المقبلة (
٢٠١٩).
وتأتى القمة المصرية الصينية المرتقبة والتى ستسبق إنطلاق قمة منتدى الصين إفريقيا ، فى ظل حرص مصر على جذب الاستثمارات الصينية ورؤوس الأموال والسياحة ، وتعكس مكانة الصين فى إستراتيجية السياسة الخارجية لمصر، خاصة مع تنويع التحالفات الذى بات أحد معالم السياسة المصرية فى السنوات الماضية ، كما تأتى تأكيدا لإعتبار بكين القاهرة أهم دولة إقليمية خارج مجموعة بريكس.
زيارات أربع سبقت تلك الزيارة كللت جميعها بالنجاح الذى عزز المزيد من التواصل والتعاون بين مصر والصين صاحبتي أعرق حضارة فى العالم ، فقد قام الرئيس السيسى بزيارته الأولى للصين فى ديسمبر عام ٢٠١٤ بعد شهور قليلة من توليه المسئولية، وفيها حرص الرئيس على توطيد العلاقات المصرية ـ الصينية فى مجالات التجارة والاقتصاد والسياسية ، مؤكدا دعم مصر لمبادرة الرئيس الصينى لإحياء “طريق الحرير”، مشيرا إلى أن القاهرة تدعم مثل هذه المبادرات الإيجابية التى تستهدف تحقيق التعاون ومصالح الشعوب.
وفى تلك الزيارة التقى الرئيس السيسى بعدد من المستثمرين ورجال الأعمال الصينيين ، وحثهم على الاستثمار فى مصر، وهو ما أتى ثماره فى الزيارة الثانية الى قام بها الرئيس السيسى فى سبتمبر عام 2015 ، وفى تلك الزيارة كان الهدف الرئاسى واضحا وهو تعزيز فرص التقارب المصرى مع عدد من الدول الآسيوية الفاعلة وفى مقدمتها الصين ، خاصة أنه كان واضحا رغبة الجانبين فى ترجمة نتائج الزيارة الأولى لواقع ملموس ، حيث أكد الرئيس أن الحكومة المصرية سارعت إلى تنفيذ خريطة طريق اقتصادية لإنعاش الاقتصاد الوطنى، داعيا الشركات الصينية إلى المساهمة فى مشروعات تنمية اقتصاد مصر.
والتقى الرئيس السيسي مع عدد من رؤساء الشركات الصينية التى تستثمر فى مصر ، بهدف إيجاد فرص مناسبة للتعرف على مدى التقدم فى المشروعات التى تنفذها تلك الشركات ، والعقبات التى تواجهها، والتأكيد على حرص الحكومة على توفير كافة التسهيلات اللازمة لدعم الاستثمارات الصينية فى مصر ، مشيرا إلى أن اجتماعه مع رؤساء الشركات الصينية يعد رسالة للشركاء الصينيين تؤكد أن تنفيذ المشروعات الصينية سيتواصل، ولافتا إلى أن الشركات الصينية الراغبة فى تشييد مشروعات صناعية فى محور قناة السويس ستحظى بكافة التسهيلات اللازمة.
وحظيت الزيارة الثالثة للرئيس السيسى للصين بأهمية من نوع خاص، حيث باتت مصر مركز اهتمام دوائر صناعة القرار العليا فى الصين على مستوى الشرق الأوسط ، ولذلك حرصت الصين على دعوتها لحضور قمة “مجموعة العشرين” بالرغم من أن مصر ليست من أعضائها ، وعكست تلك الزيارة التى تمت فى مدينة هانجتشو الصينية، طبيعة التعامل الصينى مع مصر، فقد كانت مصر إحدى 5 دول فقط حول العالم تمت دعوتها للمشاركة فى أعمال القمة من خارج دول المجموعة، وهو ما يعطى انطباعا عن الرؤية الصينية للدور المصرى فى مجالات المال والأعمال والقضايا الأمنية والسياسية الكبرى.
وجاءت الزيارة الرابعة التى قام بها الرئيس للصين قبل عام فى شهر سبتمبر الماضى ( ٢٠١٧ ) ، التى زارها فى تلك المرة بدعوة من الرئيس الصيني لحضور أعمال قمة دول مجموعة البريكس (الصين ـ روسيا ـ البرازيل ـ جنوب إفريقيا ـ الهند).
المصدر وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ)