يجتمع كبار المسؤولين الماليين في العالم الخميس في واشنطن وسط اجواء قاتمة في ظل المخاوف من انهيار الاسعار في اوروبا والازمة الجيوسياسية في اوكرانيا والمخاوف من نمو ضعيف.
غير ان جدول الاعمال ليس قاتما بالقدر الذي كان متوقعا لاجتماع وزراء مالية دول مجموعة العشرين لكبرى البلدان الناشئة والمتطورة الذين يلتقون الخميس مساء والجمعة في العاصمة الاميركية على هامش الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
فحركة هروب الرساميل التي سجلت في بعض الدول الناشئة (البرازيل وتركيا والهند وغيرها) تظهر بوادر تراجع على ضوء التطبيع التدريجي للوضع النقدي في الولايات المتحدة.
وقال مصدر اوروبي ان المناقشات ستتناول “تطبيع السياسة النقدية وانعكاساته” غير ان المخاوف من وقوع اضطرابات كبرى في الاسواق المالية تبدو مستبعدة في الوقت الحاضر.
ومن مباعث القلق الاخرى ان اليونان تستعد لمعاودة النمو وستسعى الخميس للحصول على اموال جديدة في الاسواق وذلك لاول مرة منذ اربع سنوات، في وقت تتعافى منطقة اليورو ببطء من ازمتها.
وقال رئيس قسم الاقتصاد في صندوق النقد الدولي اوليفييه بلانشار “باختصار، ان الانتعاش يتعزز”.
غير ان مشكلات اخرى طرأت وفي طليعتها مشكلة اوكرانيا حيث لا يستبعد تسجيل تصعيد في الازمة مع ما يثير ذلك من مخاوف حيال انعكاساتها الاقتصادية سواء في الاحتياطي الفدرالي الاميركي الذي يخشى تبعات “سلبية”، او في صندوق النقد الدولي الذي خفض توقعاته للنمو مشيرا الى “تصاعد التوترات الجيوسياسية”.
وستطرح المسالة للمناقشة خلال اجتماع يعقده وزراء مالية الدول الصناعية في مجموعة السبع بعد ظهر الخميس في واشنطن، كما يتوقع ان تحتل حيزا هاما في البيان الذي سيصدر عن مجموعة العشرين الجمعة.
كما سيكون مستوى التضخم الضعيف في اوروبا في صلب المناقشات وفي حال تفاقم هذا التوجه وتحول الى انهيار في الاسعار (انخفاض مطول في الاسعار عند الاستهلاك) فان ذلك قد يكبح النشاط ويزيد من عبء الديون على المالية العامة التي لا تزال ضعيفة.
غير ان هذا التشخيص للوضع الاقتصادي ليس موضع اجماع حيث حذر وزير الخزانة الاميركي الاربعاء من انهيار الاسعار داعيا الاوروبيين لاعارة “اهتمام اكبر” لهذه المخاطر، وهو موقف عبر عنه ايضا المسؤول الثاني في صندوق النقد الدولي ديفيد ليبتون الذي اعتبر هذه المعركة “اساسية”.
لكن الراي يختلف في الضفة الاخرى من المحيط الاطلسي وقال المصدر الاوروبي “علينا ان نتكلم بشكل بناء مع صندوق النقد الدولي ونشرح له لماذا لا نرى توجها نحو انهيار الاسعار او لا نخشى انهيارا في الاسعار”.
وبالرغم من دعوات الصندوق الملحة، فان البنك المركزي الاوروبي يرفض في الوقت الحاضر اتخاذ تدابير محددة مشيرا الى ان التضخم ضعيف “اينما كان” في الدول الصناعية وليس فقط في منطقة اليورو.
وراى نائب رئيس المفوضية الاوروبية سيم كلاس الاربعاء ان مخاطر انهيار معمم في الاسعار “ضعيفة”.
كما ستسعى الدول العشرين لوضع توجهات من اجل تحقيق الهدف الذي حددته خلال اجتماعها في سيدني في نهاية فبراير والقاضي بتحقيق زيادة في النمو بمعدل نقطتين مئويتين اضافيتين بحلول 2018.
وقال مصدر اميركي “قلما تبدلت الامور منذ سيدني” مشيرا الى ان الاهداف لم تتغير.
وتبدو هذه المهمة صعبة اذ يتوقع صندوق النقد الدولي نشاطا “ضعيفا” في اوروبا ويخشى ان تكون طاقات النمو “تقلصت” في بعض الدول الناشئة نتيجة نقاط ضعف هيكلية.
من جهة اخرى تعهدت بعض الدول ومنها فرنسا بخفض نفقاتها العامة رغم ان ذلك قد يكبح النشاط الاقتصادي، ولو ان باريس تدعو الى اعطاء النمو الاولوية على ضبط الميزانية.
اما موضوع الفوارق الاقتصادية الذي كان مركز اهتمام في دافوس وفي تقارير صندوق النقد الدولي الاخيرة، فيبدو انه تراجع على جدول اعمال العالم، وهو ما يندد به المجتمع المدني.
وحذرت منظمة اوكسفام لمكافحة الفقر من ان “الفوارق القصوى تفاقمت” مشيرة الى ان الاشخاص ال67 الاكثر ثراء باتوا يمتلكون ما يوازي مجموع ما يمتلكه نصف سكان العالم الاكثر فقرا. وترى اوكسفام ان الوقت حان لينتقل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من “الخطاب” الى الافعال.
المصدر: أ ف ب