قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية “إن وجهات نظر إدارة بايدن بشأن الصراع في الشرق الأوسط تتماشى مع ما كان متبع خلال فترة ما قبل الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث يؤيد بايدن حل الدولتين، ويحاول كرئيس إعادة أمريكا إلى طموحها التقليدي لأن تكون وسيطا نزيها بين الخصوم”.
واعتبرت الإيكونوميست في تقرير اليوم – الخميس – أن قيام بايدن بإعادة تقديم الدعم المالي الأمريكي للفلسطينيين وهو الدعم الذي كان قد ألغاه سلفه ترامب، ودعوته الآن للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى عدم التصعيد هي “خير دليل على طموح إدارته إحياء الدور الأمريكي كوسيط نزيه بين المتصارعين في الشرق الأوسط”.
وأشارت الإيكونوميست إلى استطلاع للرأي أجراه معهد جالوب خلال شهر مارس الماضي أظهر أنه “على الرغم من أن 75%من الأمريكيين يؤيدون إسرائيل، إلا أن التعاطف مع الفلسطينيين يتزايد وأن 53% من جانب الديمقراطيين يؤيدون فرض ضغوط على إسرائيل بدرجة أكثر من الفلسطينيين من أجل حل الصراع”.
لكن المجلة البريطانية نبهت إلى أنه “إذا استمر تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، فإن ذلك سيؤدي إلى تصاعد الصراع داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي نفسه”، واستطردت “أن القتال في منطقة الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين قد زاد من حدة مطالب بعض الديمقراطيين بضرورة وضع شروط على المعونة التي تقدمها أمريكا لإسرائيل”، ولفتت الإيكونوميست في تقريرها إلى تبني النائبة الديمقراطية بيتى ماكولام لمشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يدعو إلى فرض قيود على هذه المعونة.
ونقلت الإيكونوميست عن النائبة الديمقراطية تساؤلها في حديث أدلت به لمجلة جويش كارنتس التقدمية – وهي دورية متخصصة في الشأن اليهودي – عن فائدة استخدام دولارات دافعي الضرائب الأمريكييين في تأجيح أعمال القمع والعنف واضطهاد الفلسطينيين” ..
وفي هذا الصدد أشارت الايكونوميست في تقريرها إلى أن “أمريكا ستمد إسرائيل خلال العام الحالي بمعونة تعادل قيمتها 3.9 مليار دولار، معظمها مساعدة عسكرية، وأن إسرائيل تعتبر أكبر دولة تتلقى معونة أمريكية، حيث بلغ إجمالي ما تلقته منذ الحرب العالمية الثانية 146 مليار دولار”..
وقالت الإيكونوميست أنه على الرغم من خروج مستوطنين إسرائيليين من غزة، إلا أن التوسع المستمر للمستوطنات في الضفة الغربية جعل إسرائيل تبدو كدولة استعمارية، وأن قيامها بحرمان الفلسطينيين من حقوقهم يدفع إلى مقارنتها بنظم التمييز العنصري، وأن التساؤلات بشأن الظلم العنصري التي تهيمن على المناقشات السياسية داخل أمريكا يبدو أنها تتماثل مع التساؤلات بشأن طريقة معاملة إسرائيل للفلسطينيين وعرب إسرائيل.
ونقلت الإيكونوميست في تقريرها عن جودي رادورين رئيسة تحرير مجلة ” فوروارد ” اليهودية والتي كانت مديرة لمكتب “نيويورك تايمز ” بالقدس في وقت سابق قولها إن طول فترة الاحتلال هي عامل رئيسي، وأنه أصبح من الصعب اتخاذ موقف موالي لإسرائيل ومؤيد لحقوق الإنسان ولحل الدولتين في الوقت الذي تستمر فيه حالة الجمود منذ أكثر من خمسين عاما”.
وأضافت قائلة “إن استقطاب وسائل الإعلام الأمريكية وقوة منصات التواصل الاجتماعي جعلت من السهل طرح نسخة واحدة لقصة متشابكة، حيث يتحدث أنصار اليسار الأمريكي عن قضية حقوق الإنسان فقط بينما يتحدث أنصار اليمين الأمريكي عن أمن إسرائيل فقط”.
وأوضحت المجلة البريطانية أن هذه التباينات في الرؤى ظهرت للعلن في الوقت الذي تتكثف فيه أعمال العنف في المنطقة واستمرار القصف الإسرائيلي لقطاع غزة منذ اندلاع القتال هناك يوم العاشر من شهر مايو الجاري.
وكانت تقارير إخبارية أمريكية قد رصدت على مدى الأيام القليلة الماضية انعكاس القتال الناشب في قطاع غزة سياسيا إلى الداخل الأمريكي وتوظيفه من جانب الجمهوريين كأحد أوراق اللعبة السياسية ضد الديمقراطيين الذين يشنون حملة انتقادات لاذعه للرئيس الديمقراطي– بايدن – منذ استلامه السلطة ودخوله البيت الأبيض مطلع العام الجاري.
ويرى المراقبون أن دخول الجمهوريين في الولايات المتحدة على خط الأزمة الناشبة حاليا في منطقة الشرق الأوسط، هو محاولة من جانبهم لـ “دق إسفين” في صفوف الحزب الديمقراطي حول جهود إدارة بايدن في إنهاء العنف بالشرق الأوسط” واستخدام الجمهوريين لذلك كورقة في معاركهم السياسية القادمة مع الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي المقررة 2024 .
كما أكدت وكالة الأسوشيتد برس الأمريكية في تقرير بثته أمس – الأربعاء – أن الجهوريين فى الولايات المتحدة يراهنون على دعم إسرائيل وضرورة مساندتها ويعتبرون ذلك رافعة سياسية لهم في مواجهة الديمقراطيين في الداخل الأمريكي وفي الوقت ذاته يعمل الجمهوريون في الولايات المتحدة على استثمار المواجهات في قطاع غزة وإسرائيل على تعميق التباينات داخل صفوف الحزب الديمقراطي وصولا بها إلى حالة من الانقسام قد تضعف الديمقراطيين في ساحات السباق السياسي مع الجمهوريين مستقبلا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )