تحاول بعض الدول ومنها الولايات المتحدة إيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة عبر إنزالات جوية وحتى إقامة ممر بحري على أمل توصيل المساعدات قبل وقوع مجاعة تطال مئات الآلاف من الأشخاص.
المحاولات الدولية لتوصيل المساعدات عبر الجو والبحر تأتي لمواجهة العوائق التي تواجه إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر البر، حيث تتراكم الشاحنات بانتظار عمليات التفتيش من السلطات الإسرائيلية، وسط مطالبات بفتح معابر إضافية لتعزيز دخول المساعدات.
وتضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إسرائيل، التي اجتاحت غزة وأحكمت عليها حصارا شديدا بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، للسماح بوصول قدر أكبر من المساعدات إلى القطاع عبر الطرق البرية.
وتنفي إسرائيل فرض قيود على المساعدات الإنسانية وتقول إن سوء إدارة الأمم المتحدة لعملية التوزيع هو سبب النقص.
وفي أحدث تصريح رسمي، قال دانيال هاجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن إسرائيل ستحاول “إغراق” غزة بالمساعدات الإنسانية من عدة نقاط دخول.
وقال هاجاري لمجموعة من المراسلين الأجانب: “نحاول إغراق المنطقة بالمساعدات الإنسانية”.
وأضاف أن قوافل مساعدات ستدخل لاحقا، بالإضافة إلى شحنات من نقاط دخول أخرى وعبر الإنزال الجوي وعن طريق البحر.
وزاد “نتعلم ونتحسن وندخل تغييرات مختلفة حتى لا نخلق نمطا بل تنوعا في الطرق التي يمكننا إدخال المساعدات عبرها”.
لكن هاجاري أقر بأن إدخال الإمدادات إلى القطاع ليس سوى جزء واحد من المشكلة وأنه يتعين بذل المزيد لحل مشكلة كيفية توزيعها بشكل عادل وفعال على من هم في أمسّ الحاجة إليها.
وقال: “المشكلة داخل غزة هي مشكلة التوزيع”.
مع دخول الحرب في غزة شهرها السادس، حذرت الأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع عدد السكان، مهددون بخطر المجاعة.
ومنذ الثاني من مارس نفذت الولايات المتحدة سبع مهمات إنزال جوي قدمت من خلالها أكثر من 200 ألف وجبة، وحوالي 50 ألف زجاجة مياه السكان الذين يحتاجون إلى ملايين الوجبات الإضافية كل يوم.
بسبب الكميات الضئيلة وطابعها العشوائي وخطورة إلقاءها جوا على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية تتجه الولايات المتحدة إلى فتح ممر بحري بين قبرص وغزة وسُمح، الثلاثاء، بإبحار أول سفينة محملة بمئتي طن من المواد الغذائية.
ووفقا لمنظمة “أوبن آرمز” غير الحكومية الاسبانية مالكة السفينة، قامت السلطات الإسرائيلية بتفتيش الحمولة بشكل “شامل” في ميناء لارنكا القبرصي.
تنتظر سفينة ثانية محملة بالمساعدات الإنسانية المخصصة لغزة في لارنكا، على أن تبحر بعد تفريغ الدفعة الأولى، على ما أعلن وزير الخارجية القبرصي، كونستانتينوس كومبوس، الأربعاء.
وذكرت ثلاثة مصادر مطلعة ومسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة قد تحث شركاء وحلفاء على تمويل عملية يديرها القطاع الخاص لإرسال مساعدات عن طريق البحر إلى غزة، والتي يمكن أن تبدأ قبل جهد عسكري أميركي أكبر بكثير.
وقال مصدر مطلع للوكالة إن الخيار التجاري قد يصبح جاهزا للتنفيذ خلال 28 يوما بمجرد حصوله على تمويل، على الرغم من أن مصدرا ثانيا قال إن الأمر سيستغرق شهرا على الأقل. وتستهدف الخطة جلب المساعدات إلى غزة على متن سفن تجرها زوارق قطر على أن تنقل بعدها رافعات الحاويات إلى الشاطئ.
وقال مصدران إن المشروع سيسمح بتسليم حاويات مساعدات تعادل حمولة 200 شاحنة إلى غزة يوميا. وهذا أقل من حمولة 500 شاحنة من المساعدات كان تصل إلى القطاع يوميا قبل بدء الحرب.
وقالت ثلاثة مصادر إن الكلفة المتوقعة للمشروع التجاري البحري تبلغ نحو 200 مليون دولار لمدة ستة أشهر، وقدر أحد المصادر الكلفة بنحو 30 مليون دولار شهريا.
و العملية التي يجري فيها الإنزال الجوي للمساعدات، والتي تبدأ بصور أقمار صناعية وتقارير ترد عبر طائرات مسيرة لتحديد مناطق الإنزال لتجنب إيذاء الناس على الأرض.
وتجرى حسابات دقيقة للارتفاع والسرعة الجوية وسرعة الرياح للتأكد من عدم سقوط المساعدات في منطقة واحدة فقط بما قد يشكل خطرا، والتأكد من أوزان حزم المساعدات.
وكانت عمليات الإنزال الأولى التي نفذتها القوات الأردنية لإمدادات مستشفى ميداني في غزة أواخر نوفمبر، تستخدم مظلات موجهة بنظام تحديد المواقع، ولكن المساعدات التي يتم إطلاقها على نطاق أوسع تستخدم المظلات التقليدية، والتي توجهها الرياح.
تنطلق الطائرات من الأردن، وتحلق فوق الضفة الغربية قبل أن تحلق فوق البحر الأبيض المتوسط، حيث تنتظر هناك حتى يتم تطهير المجال الجوي من الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي تراقب ساحات المعارك وتشن هجمات.
وتبدأ الطائرات بالهبوط بضعة آلاف من الأقدام خلال مرورها فوق غزة، ويتم إطلاق حزم المساعدات في مناطق محددة، لا تحلق الطائرات لأكثر من بضع دقائق إذ لا تزال المعارك تجري على الأرض.
ولا يتم تنسيق عمليات الإنزال الجوي مع الفلسطينيين على الأرض، فيما تتم مراقبة حزم المساعدات التي هبطت عبر طائرات مسيرة.
يصل القسم الأكبر من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر مصر ويخضع لتفتيش دقيق من قبل السلطات الإسرائيلية قبل دخول القطاع المحاصر عبر مناطقه الجنوبية، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
تصل المساعدات عموما إلى مدينتي بور سعيد والعريش المصريتين. وفي حين أن ميناء العريش الأصغر حجما من بور سعيد هو الأقرب من قطاع غزة.
وتتولى السلطات الإسرائيلية تفتيش المساعدات التي تدخل القطاع بدقة وهي عملية تجريها منذ بدء الحرب مع حماس في السابع من أكتوبر، وتشديد إسرائيل حصارها المفروض منذ أعوام على القطاع.
وتقع نقطة التفتيش الرئيسية عند معبر كرم أبو سالم الحدودي مع إسرائيل في أقصى جنوب شرق القطاع. وتوجد نقطة تفتيش أخرى في بلدة نيتزانا الإسرائيلية الواقعة على بعد حوالي 50 كلم شرق كرم أبو سالم.
قبل تفتيشها تنتظر الشاحنات التي يدخل معظمها عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، لأيام في منطقة ترانزيت تستوعب 50 شاحنة.
وتفرغ المنتجات التي يسمح بدخولها بعد عملية التفتيش من الشاحنات في المنطقة بين مصر وقطاع غزة، ثم تحمل على متن عربات أخرى يقودها فلسطينيون يعملون لحساب المنظمات غير الحكومية، لتوزيع المساعدات في القطاع.
وبحسب المنظمات فإن التفتيش الإسرائيلي الصارم هو السبب الرئيسي لبطء دخول المساعدات الانسانية.
من جهتها، تقول السلطات الإسرائيلية إن المنظمات الإنسانية عاجزة عن إدارة تدفق كل المساعدات الى القطاع.
باستثناء رفح وكرم أبو سالم في الجنوب، لا توجد معابر برية أخرى مفتوحة باتجاه قطاع غزة.
وتحث المنظمات الدولية كما الولايات المتحدة، إسرائيل منذ أسابيع على فتح معابر إلى شمال القطاع حيث الأزمة الإنسانية هي الأكثر حدة.
وتقول الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن دخول المساعدات “كوغات” إنها فتحت معبرا للمساعدات شمال غزة، حيث دخلت ست شاحنات من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وتحمل مساعدات تكفي لـ 25 ألف شخص.
وتقول إسرائيل إنها تقوم بإدخال المساعدات عبر ممرات قام الجيش بتأمينها، ولكنها لا توفر الأمن الشامل لقوافل المساعدات.
ونقل المساعدات إلى شمال القطاع من جنوبه عملية بالغة التعقيد بسبب الدمار والمعارك. وأعلن برنامج الأغذية الأسبوع الماضي أن السلطات الإسرائيلية منعت عبور إحدى قوافله قبل أن يسمح لها بمواصلة طريقها شمالا. وبعدما حاولت مواصلة طريقها، تعرضت للنهب على يد “حشد يائس”.
وبحسب السلطات الإسرائيلية، دخلت 173 شاحنة شمال غزة منذ مطلع مارس، مقابل 207 شاحنات نهار الثلاثاء.
والأربعاء، أعلنت إسرائيل أن غارتها الجوية على مركز لتوزيع الأغذية تابع للأمم المتحدة في جنوب غزة أسفرت عن مقتل قيادي كان مستهدفا بحركة حماس، وذكر مسؤولون بقطاع الصحة الفلسطيني أن الغارة الجوية أسفرت أيضا عن مقتل أربعة أشخاص منهم موظف بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الغارة أسفرت عن مقتل محمد أبو حسنة الذي وصفه بأنه مقاتل من حماس قدم معلومات مخابراتية عن مواقع قوات إسرائيلية إلى الحركة و”اشترك أيضا في السيطرة على المساعدات الإنسانية وتوزيعها على إرهابيي حماس”.
وقالت الأونروا في وقت سابق إن إحدى منشآتها تعرضت للقصف في رفح بجنوب قطاع تؤوي أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وأضافت الأونروا أن موظفا واحدا على الأقل من موظفيها كان من بين القتلى الخمسة وأن 22 آخرين أصيبوا على الرغم من مشاركة إحداثيات المنشأة مع الجيش الإسرائيلي.
واندلعت الحرب عندما هاجمت حماس، في السابع من أكتوبر، إسرائيل التي تقول إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة. وتقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره حماس إن إسرائيل شنت بعد ذلك هجوما جويا وبحريا وبريا أدى إلى مقتل أكثر من 31 ألف فلسطيني.
المصدر: وكالات