فى تظاهرة ثقافية رسمية وشعبية،بدأت فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته السادسة والأربعين بأرض المعارض بمدينة نصر تحت شعار «الثقافة والتجديد».ولأنه لا يمكن أن يكون هناك تجديد دون وعى ،ولا تجديد دون ثقافة، فلابد للثقافة أن تجدد نفسها بين الحين والآخر،وهذا ما تناقشه محاور المعرض الذى اختار شخصية العام الإمام محمد عبده (1849ــ 1905م) الذى يعد من أبرز رموز التجديد فى الفقه الإسلامى ،ومن دعاة النهضة والإصلاح فى العالم العربى والإسلامي، كما وقع الاختيار على المملكة العربية السعودية لتكون ضيف شرف هذه الدورة .
وعلى مساحة خمسين ألف متر مربع و48 جناحا، تشارك 26 دولة منها 19 دولة عربية وافريقية و7 دول أجنبية ،و850 ناشرا منهم 50 ناشرا أجنبيا ،250 ناشرا عربيا ،550 ناشرا مصريا إلى جانب 100 كشك لسور الازبكية ، ولأول مرة مشاركة أكثر من 14 ناشرا من الهند بسراى البيع.
والإمام محمد عبده هو واحد من أئمة التجديد في العصر الحديث في مجال الفكر الإسلامي، وأحد دعاة الإصلاح والنهضة العربية الإسلامية الحديثة، وممن أسهموا في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لقرون هذا هو محمد بن عبده بن حسن خير الله والذى نعرفه باسم الإمام محمد عبده.
ولد في سنة ١٨٤٩م في قرية حصة شبشير بمركز طنطا في محافظة الغربية، لأب كردى وقيل تركماني، وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة «بني عدي» العربية، ثم نشأ في قرية صغيرة من ريف مصر هي قرية «محلة نصر» بمحافظة البحيرة أرسله أبوه إلى الكُتّاب ثم إلى جامع السيد البدوي لكنه لم يتجاوب مع المقررات الدراسيةالجامدة فقرر أن يترك الدراسة ويتجه إلى الزراعة.
أصر أبوه على تعليمه فهرب إلى بلدة قريبة فيها بعض أخوال أبيه، وهناك التقى بالشيخ درويش خضر، خال أبيه، الذي كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياته، واستطاع الشيخ «درويش» أن يعيد الثقة إلى محمد عبده فعاد إلى الجامع الأحمدي، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر عام ١٨٦٥م ونال منه شهادة العالمية سنة ١٨٧٧م.
تأثر الشيخ محمد عبده أيضا بالشيخ حسن الطويل الذي وجهه إلى العلوم العصرية كما تأثر بجمال الدين الأفغانى وبعد أن نال «محمد عبده» العالمية قام بالتدريس في الأزهر و«دار العلوم» و«الألسن» وكتب للصحافة.
وحينما تولّى الخديو «توفيق» وجاء «رياض باشا» رئيسا للنظار أراد إصلاح «الوقائع المصرية»، واختار الشيخ محمد عبده لهذه المهمة، فضم «محمد عبده» إليه «سعد زغلول»، و«إبراهيم الهلباوى»، وغيرهما وأحدث نقلة منهجية فيها ،وفي «المدرسة السلطانية» بيروت.
كتب في الصحافة اللبنانية وبعد محاولات لـ«سعد زغلول»، والأميرة «نازلى»، و«مختار باشا»، صدر العفو عن «محمد عبده» سنة ١٨٨٩م وعاد إلى مصر وتم تعيينه قاضيًا أهليًا في محكمة بنها، ثم الزقازيق، ثم عابدين، ثم عين مستشارًا في محكمة الاستئناف سنة ١٨٩٥م.
وعندما تُوفي الخديو «توفيق» سنة ١٨٩٢م وتولى الخديو عباس استطاع إقناعه بخطته الإصلاحية التي تقوم على إصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية وفي عام ١٨٩٩م تم تعيينه مفتيًا للبلاد، ولكن علاقته بالخديو لحقها التوتر، فبدأت الدسائس تُحاك ضد الإمام وبدأت الصحف تشهر به فاستقال من الأزهر في سنة ١٩٠٥م وثقل عليه المرض وما لبث أن تُوفي بالإسكندرية في ١١ يوليو ١٩٠٥.
وهناك دراسة تحليلية موسعة لتراث الإمام محمد عبده من مختلف جوانبه الفكرية والسياسية والفقهية والاجتماعية.. وذلك فى (كتاب الامام محمد عبده مائة عام على رحيله ١٩٠٥- ٢٠٠٥) وهو نتاج لندوة كبرى، نظمتها مكتبة الاسكندرية، بمناسبة المئوية الأولى على رحيل الإمام.
وقد شارك فى الندوة عدد كبير من العلماء والباحثين المتخصصين فى مجالات متنوعة.. كان فى مقدمتهم د٠محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية ود.اسماعيل سراج مدير مكتبة الاسكندرية.. إلى جانب كثيرين من الأساتذه الباحثين والمعقبين ويتكون الكتاب من ثلاثة أقسام، يحتوى كل منها على ما بين سبعة وثمانية فصول؛ تبدأ بتعريف شخصية الإمام محمد عبده، وسيرته الذاتية، حتي يتعرف عليه الجيل الجديد.. وأيضا مشروعة الفكرى الإصلاحى، واستعداده الفطرى للنهوض لمقاومة سلبيات المشترك القروى والمشترك الاجتماعى، وفق منهجية إصلاحية، تقوم على التربية وبناء الوعى الاجتماعى.
وتتوالى عبر بقية الفصول شروح لجهود الإمام فى تجديد الفكر الإسلامى، و جوانب من منهجه فى التفسير، وفقة السنن الربانية، وإفادة المسلمين منها.. و الإمام فى معترك الحياة السياسية وميادين الإصلاح ومحمد عبده وقضايا المرأة.. وما بذله من جهد فقهى تجديدى فى هذه القضية، حيث اعتبر ان المرأة هى طرف الخيط فى مسيرة الإصلاح، وانه لابد من إخراج المرأة من جاهلية العصر الى أنوار الإسلام كما كانت فى عصر الرسالة .
المصدر: وكالات