يشير استخدام إرهابي لشاحنة من أجل دهس عشرات الأشخاص في منطقة سياحية في مدينة نيس الفرنسية، إلى تحقق أسوأ الكوابيس التي يمكن أن يتوقعها مسؤولو الأمن في أوروبا، وهي أن تصبح أي شاحنة أو سيارة تهديدا محتملا.
وسقط أكثر من 80 قتيلا وأصيب العشرات في نيس باعتداء نفذ بشاحنة، ليل الجمعة، دهست جمعا من الناس كانوا محتشدين لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة احتفالات العيد الوطني الفرنسي.
ففي هذه المرة استخدم المهاجم وسيلة منتشرة لا تثير حفيظة الأمن، وهو ما جعله ينطلق بحرية تامة ليدهس العشرات ويحقق أكبر قدر من الأذى دون الاضطرار لاستخدام متفجرات أو أسلحة تحتاج إلى وقت وشبكة معقدة من الإرهابيين لتهريبها ووصولها إلى المكان المستهدف.
ويضع الهجوم الدامي في نيس كل ما يسير على إطارات موضع اشتباه، مما يضع حملا أمنيا غير عادي على أجهزة المخابرات والشرطة، ويجعل خطر وقوع حادث مماثل محتملا دائما في جميع أنحاء أوروبا وليس فرنسا فقط.
ويقول الباحث في الشؤوون الأوروبية علي مراد ، إن الأجهزة الأمنية الفرنسية أعربت عقب هجمات باريس الأخيرة في نوفمبر 2015، عن خشيتها من عمليات نوعية من ضمنها أسلوب الدهس بالسيارات في غياب استراتيجية لمواجهتها.
ويعني ذلك أنه رغم التوقعات بحدوث ذلك نوعا ما، فإنه من الصعب إحباط مثل هذه العمليات.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمنيين، أن المخابرات الفرنسية لم تملك ملفا عن منفذ هجوم نيس التي ذكرت التقاير الأولية أنه فرنسي من أصل تونسي ويبلغ 31 عاما.
واستخدام شخص “نظيف” أمنيا، يزيد أيضا من صعوبة توقع وتتبع الخطط الإرهابية لشن هجمات غير تقليدية لا تنطوي على استخدام متفجرات أو وسائل محظورة أمنيا.
ويرى مراد أن التنظيمات الإرهابية مثل داعش تحاول قلب الطاولة على الدول الأوروبية بينما تتكثف الضربات الموجعة على التنظيم في العراق وسوريا.
ولم يعلن تنظيم داعش أو أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم.
ويقول الباحث السياسي رجائي بركات من بروكسل، إنه رغم التعاون الأمني المتزايد بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية بعد هجمات بلجيكا في مارس 2016، فإن منع هذه النوعية من العمليات الإرهابية “أمر صعب جدا”.
وعززت فرنسا من إجراءاتها الأمنية وفرضت حالة من الطوارئ عقب هجمات باريس، لكن يبدو أن هذه الإجراءات يجب أن تأخذ في حسبانها كل ما هو غير معتاد في الحسبان.
وشهدت فرنسا العديد من الحوادث الإرهابية خلال عام 2015 :
من 7 الى 9 يناير 2015: الاخوان شريف وسعيد كواشي يقتلان 12 شخصا في هجوم مسلح على مقر مجلة “شارلي ايبدو” الاسبوعية الساخرة. بين الضحايا مدير الاسبوعية وعدد من كبار رساميها وشرطيان.
بعد يومين من المجزرة، لقي الاخوان كواشي مصرعهما بنيران الشرطة اثناء محاولتها اعتقالهما في ضاحية العاصمة.
في 8 يناير، احمدي كوليبالي يقتل شرطية ويصيب موظفا بلديا بجروح في مونروج جنوب باريس. في اليوم التالي، احتجز رهائن داخل متجر يهودي في باريس وقتل اربعة منهم قبل ان تقتله الشرطة.
وفي حين كان الاخوان كواشي أعلنا مبايعتهما تنظيم القاعدة فقد اعلن كوليبالي مبايعته تنظيم داعش.
وفى 13 يناير 2015: جهادي في الثالثة والعشرين من عمره اعتنق الاسلام، وكانت الشرطة قد أوقفته في الثاني من نوفمبر 2014 ويشتبه في انتمائه إلى منظمة مؤيدة لسوريا، يقوم بتهديد شرطي في ألبوف بالنورماندي (غرب).
وفى 3فبراير 2015: ثلاثة جنود يتعرضون لاعتداء بالسكاكين أثناء الخدمة أمام مركز لليهود في نيس. وسرعان ما اعتقل المعتدي موسى كوليبالي (30 عاما) الذي يقيم في الضاحية الباريسية. وأثناء احتجازه، عبر عن كراهيته لفرنسا والشرطة والجنود واليهود.
وفى 19ابريل 2015: توقيف الطالب الجزائري سيد أحمد غلام الذي يدرس المعلوماتية في باريس للاشتباه في إنه قتل إمرأة وأعد لاعتداء كان يوشك على تنفيذه في الضاحية الجنوبية لباريس.
وكان أحمد غلام الذي أوقف وفي حوزته سلاح حربي، معروفا لدى أجهزة الاستخبارات باعتناقه طروحات الإسلام المتطرف.
وأقر بأنه خطط لاعتداءات آخرى على قطار من أجل “قتل 150 مرتزقا” وعلى كنيسة القلب الأقدس في باريس.
26 يونيو 2015: ياسين صالحي يقتل رب عمله ايرفيه كورنارا ويقطع رأسه قرب ليون. ثم يحاول تفجير مصنع في سان كوانتان-فالافييه (وسط شرق)، من خلال توجيه شاحنته للاصطدام بقوارير غاز، ثم اعتقل.
13 يوليو 2015: اعتقال اربعة شبان تتراوح اعمارهم بين 16 و23 عاما، أحدهم جندي سابق، للاشتباه في إنهم كانوا ينوون مهاجمة مخيم عسكري في البيرينيه (جنوب)، وقطع رأس ضابط وتصويره باسم الجهاد. وأعلنوا التزامهم الجهاد الى جانب تنظيم داعش.
– 21 اغسطس 2015: أمكن تفادي مجزرة في قطار تاليس الذي يربط امستردام بباريس، عندما سيطر عسكريون أمريكيون على رجل مدجج بالسلاح كان يطلق النار داخل القطار. وأصيب شخصان بجروح، الأول بالرصاص والثاني بالسلاح الأبيض. والمهاجم الذي اعتقل شاب مغربي أبلغت السلطات الإسبانية أجهزة الاستخبارات الفرنسية إنه إسلامي متطرف.
وتحدث رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال عن “هجوم إرهابي”. وما زالت دوافع مطلق النار غير معروفة، لكن النيابة العامة المتخصصة في مكافحة الإرهاب تسلمت التحقيق.
10 نوفمبر 2015: الإعلان عن اعتقال رجل في الخامسة والعشرين من العمر في 29 أكتوبر، وتوقيفه على ذمة التحقيق في الثاني من نوفمبر بتهمة تشكيل عصابة من المخربين على علاقة بمنظمة إرهابية. وكان هذا الرجل الموضوع تحت المراقبة منذ سنة سعى إلى الحصول على عتاد من أجل الإعداد لهجوم على جنود في البحرية الوطنية في طولون (جنوب شرق).
13 نوفمبر 2015: فرنسا تتعرض لأسوأ إعتداء إرهابي في تاريخها يشارك في تنفيذه للمرة الأولى انتحاريون ويحصد 130 قتيلاً غالبيتهم من الشباب إضافة إلى 350 جريحا. واستهدفت الاعتداءات التي تبناها لاحقا تنظيم داعش مسرح باتاكلان في باريس والعديد من مقاهي ومطاعم العاصمة وقرب ستاد دو فرانس في ضاحية سان دوني.
7يناير 2016: مقتل رجل مسلح بساطور وحزام ناسف وهمي بعدما هتف “الله اكبر” أثناء اقترابه من مفوضية للشرطة في باريس، والشرطة تعثر بحوزته على بيان تبن بالعربية ومبايعة لزعيم تنظيم داعش.
وفى 13 يونيو: الجهادي العروسي عبالة (25 عاما) يقتل بالسكين مساعد قائد شرطة ايفلين جان باتيست سالفين (42 عاما) ويذبح صديقة الأخير وتدعى جيسيكا شنايدر (36 عاما) وتعمل موظفة إدارية في مخفر قريب، بعد أن اقتحم منزلهما في مانيافيل غرب باريس. وأردته وحدة من قوات النخبة في الشرطة. وكان عبالة أعلن عبر تويتر وفيسبوك أنه ينفذ هجومه باسم تنظيم داعش.
المصدر:وكالات