عرف الأمير فيليب، دوق أدنبرة الذي توفي اليوم عن عمر ناهر 99 عاما، بأنه رجل عصري محب للعلوم والتكنولوجيا ومؤمن بدورهما في تحسين وتطوير المجتمعات.
واهتمام الأمير فيليب بهذا المجال يمثل امتداداً لاهتمام الأمير ألبرت زوج الملكة فيكتوريا الذي كان متحمساً للصناعة والعلوم وقد لعب دوراً كبيراً في إطلاق المعرض العالمي الكبير عام 1851.
كما يعتبر الأمير فيليب رجلاً عملياً وقد تجلى ذلك خلال الحرب العالمية الثانية لدى إصابة السفينة الحربية والاس التي كان أحد أفراد طاقمها.
ولكي يتجنب تعرض السفينة لمزيد من الهجمات من الطائرات الألمانية أمر رجاله ببناء طوف يتصاعد منه الدخان للإيحاء بأن السفينة قد دمرت مما شتت انتباه قاذفات العدو وسمح للسفينة الحربية بالفرار.
وخلال عمله ضابطاً بالبحرية الملكية البريطانية اكتسب سمعة أنه يريد دائما تحسين الأشياء، وهو أمر ارتبط أيضا بعدم صبره تجاه أولئك الذين يتمسكون بالحلول التقليدية للمشاكل.
وعرف عن الأمير فيليب عشقه للأجهزة لدرجة أنه لدى انتقاله والأميرة إليزابيث بعد زواجهما لكليرانس هاوس عام 1949 عمل على الاستعانة بالأجهزة التي توفر اليد العاملة، وكان من بينها جهاز يوضع في الخزانة ويخرج البدلة بضغطة زر.
وقد وصل شغفه بالتكنولوجيا إلى أنه ترأس اتحاد تطوير العلوم في المملكة المتحدة، وقد عكس خطابه الافتتاحي في الإتحاد روح المعرض العالمي الكبير الذي أطلقه الأمير ألبرت زوج الملكة فيكتوريا.
وعندما قام الأمير فيليب وزوجته الأميرة إليزابيث بالسفر جوا لكندا عام 1951 كانت الرحلة الجوية الأولى عبر الأطلنطي لأعضاء بارزين في العائلة المالكة، وقد قضى الأمير وقتا كبيراً مع الطيارين حيث طرح عليهم العديد من الأسئلة.
وفي بريطانيا كان الأمير زائراً منتظماً للمصانع ومراكز البحث ومحطات الكهرباء، حيث فوجئ المسؤولون في تلك المنشآت بالأمير يمطرهم بالكثير من الأسئلة.
وقد تواكب حماسه بطفرة تكنولوجية في خمسينيات القرن الماضي في بريطاينا، وهي الحقبة التي شهدت بدايات أجهزة الكمبيوتر والرحلة الأولى لأول طائرة نفاثة بريطانية، كومت.
وعقب وفاة الملك جورج الخامس في فبراير/شباط عام 1952 انتقلت الملكة الجديدة وزوجها، بضغط من الحاشية، إلى قصر باكينغهام.
وفي بكينجهام لم يعد الأمير فيليب الشخص الأول في بيته، وبدأ يناضل من أجل دور جديد وبمرور الوقت انخرط في دراسة كيفية إدارة القصر حيث تجول في نحو 600 غرفة وناقش جميع العاملين في أدوارهم، وقد شهدت تلك الفترة تقلص عدد العاملين فاعتبر بعض كبار الحاشية ما يقوم به تدخلا. وأدخل فيليب الانتركوم لينهي عادة إرسال رسالة مكتوبة لزوجته مع خادم من مكان ما في القصر لمكان آخر.
كما أنه تمرد على بروتوكول القصر، فقد كان يفضل حمل حقائبه بنفسه بدلا من رن جرس كي يأتيه من يحملها، كما كان يعد فطوره الإنجليزي بغرفته الخاصة مستخدما مقلاة كهربائية حتى اشتكت الملكة من الرائحة. وعندما اكتشف أنه يوجد بالقصر مطبخان، واحد للعائلة المالكة والثاني للآخرين، ألغى أحدهما.
كما كان مصراً على جعل الملكية نفسها مواكبة للعصر، فكان أن أطلق تقليد تنظيم غذاء غير رسمي تشارك فيها الملكة مع طيف أكبر من المجتمع.
وفي عام 1968 أنتجت بي بي سي فيلماً وثائقياً عن العائلة المالكة مدته 90 دقيقة وكان الأمير فيليب متحمساً له بشكل كبير. وقد شوهد الفيلم في أنحاء العالم.
وعندما تقدم الأمير فيليب في العمر ظل يتطلع للمستقبل ففي عام 2015 قام بزيارة موقع شبكة مترو الأنفاق الجديد في لندن، وعندما قيل له إنها ستفتتح عام 2018 قال: “ربما يكون ذلك متأخرا جدا بالنسبة لي” وأضاف : “ولكن أيضا، ربما لا”.
المصدر: بي بي سي