تحتفل الأمم المتحدة اليوم الخميس باليوم الدولي لقوات حفظ السلام تحت شعار: قوات حفظ السلام: قوة للسلام وقوة للتغيير وقوة للمستقبل. وفي هذه المناسبة يتم تذكر مئات الزملاء والزميلات الذين قضوا أثناء تأديتهم الواجب الأممي في وقف القتال أو زرع الألغام أو مراقبة وقف إطلاق النار أو مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان أو بناء المجتمعات التي دمرتها الحروب أو التحقيق في جرائم الحرب أو تدريب السكان المحليين على ممارسة الانتخاب أو تأمين الحماية للفارين من الحروب الأهلية وغيرها الكثير. لقد دفع أكثر من 3.200 رجل وإمرأة أرواحهم منذ نشر أول مجموعة مراقبة لخط الهدنة في فلسطين عام 1948 ولغاية آخر ضحية سقطت مؤخرا في دارفور للقيام بمهمات نبيلة حيث نجحوا في بعضها عندما توفرت الإرادة والإمكانيات ووحدة مجلس الأمن ووضوح الهدف وتوفير الإمكانيات وفشلوا كثيرا عندما كانت المهمة غير واضحة والإمكانيات لتحقيقها غير متوفرة ووحدة المجلس لدعم البعثة غائبة.
ونحن نكتب هذه السطور هناك 110.000 من الرجال والنساء ينتشرون في 16 مهمة في كثير من بقاع العالم وفي مناطق الصراعات المفتوحة والأشد خطرا مثل جنوب السودان ودارفور وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو.
لقد تطورت مهمات حفظ السلام من مراقبة لوقف إطلاق النار وتقديم تقارير دورية عن الانتهاكات التي يقوم بها أحد أطراف النزاع إلى مهمة حماية المدنيين من خطر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب الجماعي والقتل على الهوية واستهداف أعراق بعينها وحرق القرى والمحاصيل والقتل خارج نطاق القانون.
وقد تعرضت قوات حفظ السلام للانتقادات الشديدة أحيانا إما لفشلها في حماية المدنيين كما حصل في البوسنة ورواندا ودارفور أو لبعض الممارسات الخاطئة التي مارسها أفراد تابعون لقوات حفظ السلام وخاصة التحرش الجنسي والاستعباد الجنسي واستغلال بعض القاصرين والقاصرات في مناطق نشر القوات بسبب الفقر كما حدث في الكونغو. إلا أن كثيرا من اللوم يقع على عاتق الدول الأعضاء التي لا تعطي قوات حفظ السلام الإمكانيات المطلوبة للقيام بمهماتها. وقد حدد تقرير الأخضر الإبراهيمي الذي أعده عام 2000 بناء على طلب من الأمين العام السابق كوفي عنان عندما طلب رئيس الجمعية العامة تقريرا شاملا حول مهمات حفظ السلام وإعادة النظر في دورها ومهماتها مسألة ربط السلام بالأمن.
فكلما كان الأمن في البلد هشا كلما تزايدت إمكانية تفجر الصراعات الداخلية مما يعقد مهمة قوات السلام وكلما أصبح الأمن مستتبا تصبح مهمات حفظ السلام أسهل وأقرب إلى التحقيق. كما ركز التقرير على الدور الوقائي الذي يمكن لقوات حفظ السلام من ممارسته قبل بدء الصراع.
فالأمم المتحدة يجب أن تنتقل من لعب دور الشرطي إلى دور رجل الإطفاء الذي يكون جاهزا لمنع نشوب الحريق وإن حدث واشتعلت النيران يحاول حصرها والقضاء عليها أولا وإن لم يتمكن يحاول منع انتشارها خارج البيت أو المبنى. وأكد على أن نجاح عمليات حفظ السلام يتطلب أمرين أساسيين: وحدة المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن وتوفير الإمكانيات اللوجستية والمادية والبشرية للقيام بالمهمة.
كم يوضح التقرير أن عصر التكنولوجيا والمعلومات لا بد أن يستخدم بطريقة فعالة وخلاقة في تسهيل عمليات حفظ السلام وحمايتها ونقل الصورة عن الأوضاع لمجلس الأمن والجمعية العامة بصورة دقيقة كي يستمر دعم المهمة وتوفير الإمكانيات المطلوبة وقياس مدى نجاحها في الاقتراب من تحقيق الهدف المنشود. والأمر المؤكد كما يؤكد تقرير الإبراهيمي أن مهمات عمليات حفظ السلام باقية ما بقيت الصراعات المحلية أو العابرة للحدود وليس أمام المجتمع الدولي خيار إلا حسن إدارتها وتحديد مهماتها وتوفير الإمكانيات لتحقيق أهدافها.
المصدر: وكالات