يحيي العالم بعد غد اليوم العالمي للأرض” 2016 تحت شعار”الأشجار من أجل الأرض”، حيث يهدف إلي زراعة 7.8 مليار شجرة خلال الخمس السنوات المقبلة ، وعبارة “أمنا الأرض” هي عبارة شائعة في عدد من البلدان والمناطق، يراد بها كوكب الأرض وتجسد الترابط القائم بين البشر وغيرهم من الكائنات الحية والكوكب الذي نسكنه جميعا.
ويفقد هذا الكوكب حاليا أكثر من 15 مليار شجرة كل عام أي 56 فدان من الغابات كل دقيقة ، وتساعد الأشجار في مكافحة تغير المناخ ، فهي تمتص ثاني أكيد الكربون الفائض والضار من الجو ، وفي الحقيقة، فإن مساحة هكتار من الأشجار المزروعة تمتص نفس النسبة من ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها قيادة سيارة عادية لمسافة 26 ألف ميل ، كما إن الأشجار تساعدنا في تنفس الهواء النقي حيث تمتص الأشجار الروائح والغازات الملوثة، من مثل أكاسيد النتروجين والأمونيا وثاني أكسيد الكبريت والأوزون، و تنقي الهواء من الجزيئات بحبسها في أوراقها .
كما تساعد الأشجار في التصدي لفقدان الأنواع الحية ، عندما نزرع النوع الصحيح من الأشجار، فإننا في الحقيقة نتصدى لفقدان الأنواع الحية، فضلا عن أننا نتيح موئلا متصلا ببعضه البعض في المناطق التي تنقطع فيه الغابات عن بعضها بعضا ، وتساعد الأشجار أيضا المجتمعات على تحقيق استدامة اقتصادية وبيئية طويلة الأجل فضلا عن أنها تتيح الغذاء والطاقة ومصادر للدخل.
وقد أقيم أول احتفال بيوم الأرض في عام 1970 بالولايات المتحدة الأمريكية ونظمته شبكة يوم الأرض ، والهدف هو توسيع وتنوع الحركة البيئية على الصعيد العالمي لحشد الجهود لبناء بيئة مستدامة وصحية ، وللتصدي لتغير المناخ ولحماية الأرض من أجل أجيال المستقبل.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت في قرارها 278/63 في 22 أبريل 2009 اعتبار يوم 22 أبريل بوصفه اليوم الدولي لـ “أمنا الأرض” حيث يخصص للنشاطات البيئية للفت الانتباه إلى مشاكل البيئة التي تعاني الكرة الأرضية بهدف معالجة أسباب ونتائج تلك المشاكل.
ويعزز اليوم الدولي “لأمنا الأرض” وجهة نظر عن الأرض باعتبارها الكيان الذي يحافظ على جميع الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة والاحتفاء بهذا اليوم هو تكريم للأرض ككل ولمكاننا فيها.
ويتزامن الاحتفال بيوم الأرض هذا العام مع مراسم توقيع اتفاق باريس لتغير المناخ، التي نظم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك ، واعتمدته 196 دولة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في أثناء مؤتمر كوبنهاغن21 الذي عقد في 12 ديسمبر 2015 ، وفي هذا الاتفاق وافقت البلدان على العمل للحد من زيادة درجات الحرارة عن درجتين مئويتين والعمل بجد على عدم تجاوز زيادتها درجة ونصف الدرجة المئوية على اعتبار الأخطار المهولة القائمة، وتجري مراسم التوقيع في أول يوم لفتح باب التوقيع، مما يعني أن هذه هي الخطوة الأولى نحو ضمان دخول الاتفاق حيز التنفيذ القانوني في أسرع وقت ممكن.
وعبارة “أمنا الأرض” هي عبارة شائعة في عدد من البلدان والمناطق، ويراد بها كوكب الأرض وتجسد الترابط القائم بين البشر وغيرهم من الكائنات الحية والكوكب الذي نسكنه جميعا.
وإعلان الأمم المتحدة هو اعتراف بتوفير الأرض ونظمها الإيكولوجية لسكانها بأسباب الحياة والقوت كما انه اعتراف بالمسؤولية الجماعية، التي دعا إليها إعلان ريو لعام 1992 لتعزيز الانسجام مع الطبيعة والأرض لتحقيق توازن عادل بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للأجيال البشرية الحاضرة والمقبلة.
وتشير دراسة نشرت مؤخرا أن عدد الأشجار على الأرض يبلغ قرابة 3 تريليونات شجرة، أي بمعدل 400 شجرة لكل شخص ، وأشارت الدراسة التي أجريت بناء على بيانات الأقمار الصناعية إلى أن هذا يعني أن عدد الأشجار على كوكب الأرض يفوق عدد النجوم في مجرة درب التبانة.
وأوضح تقرير “مؤشرات التنمية في العالم 2016″، كيفية تغيير غطاء الأشجار على مدى ربع قرن مضى، حيث فقد العالم نحو 1.3 مليون كيلومتر مربع من الغابات منذ العام 1990، أي ما يعادل مساحة تزيد على مساحة دولة جنوب إفريقيا، وأن ما تبقى من غابات يغطي ثلث اليابسة على الأرض، وهذا يعني أنه منذ عام 1990 كان العالم يفقد مساحة من الغابات تقدر بحوالي 1000 ملعب كرة قدم كل ساعة.
وأضاف التقرير أن مساحة الغابات على الأرض في بداية القرن 20، بلغت 50 مليون كيلومتر مربع قبل أن تنحسر إلى 40 مليونا جراء الطلب على الأشجار والأوراق، بالإضافة إلى زيادة الطلب على الأراضي الصالحة للزراعة. ويلاحظ أن توزيع الغابات على مستوى العالم غير متساو.
ووفقا للتقسيم الإقليمي والقاري توجد في منطقة أميركا الجنوبية والبحر الكاريبي ثاني أكبر نسبة من الغابات على مستوى العالم بعد منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، حيث تبلغ مساحة الغابات فيها حوالي ربع إجمالي مساحة الغابات على مستوى العالم.
وخسرت قارة أميركا اللاتينية وحدها خلال هذه الفترة ما مساحته 10 % من الأراضي التي تغطيها الغابات في القارة، أي أنها فقدت منذ العام 1990 نحو 970 ألف كيلومتر مربع من مساحة غاباتها.
غير أنه في العام 2012، تمت حماية أكثر من 14% من أراضي العالم على المستوى الوطني و10 % من المياه الإقليمية على مستوى العالم، إذ خصصت العديد من الدول نسبة من أراضيها ومساحاتها البحرية كي تكون مناطق محمية للحفاظ على الموائل وأنواع النباتات والحيوانات التي تعيش في تلك الأراضي المحمية.
في حين تشير تقديرات جديدة أصدرتها اليوم منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن مجموع انبعاثات الكربون من الغابات سجل انخفاضا يتجاوز 25 % بين عامي 2001و2015، وعزي ذلك أساساk إلى تباطؤ معدلات إزالة الغابات على سطح الكوكب.
وتراجع انبعاث العوادم الكربونية العالمية الناتجة عن إزالة الغابات من 3.9 إلى 2.9 شيغاطن (ألف مليون طن)، من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا خلال الفترة 2001- 2015، علما بأن إزالة الغابات تعرف عموما بأنها تغيير استخدام الأراضي من الغابات إلى الاستعمالات الأخرى.
وفى هذا الصدد ، أشار ” جوزيه غرازيانو دا سيلفا” المدير العام لمنظمة الفاو، إلي أنه من المشجع مشاهدة اتجاه إزالة الغابات يتراجع ككل ، وأن بعض البلدان في مختلف المناطق أحرزت تقدما ملحوظا مثل كوستاريكا، وتشيلي، وأوروغواي، والبرازيل، وكاب فيردي، وفيتنام، والصين، والفلبين، وجمهورية كوريا، وتركيا وغيرها .
لكن الفاو أكدت في الوقت ذاته أنه بالرغم من الانخفاض العام في انبعاثات الكربون من الغابات نتيجة لتناقص إزالتها إلا أن الانبعاثات الناجمة عن تدهور حالة الغابات زادت على نحو ملحوظ خلال الفترة من 1990 إلى 2015، مما يبلغ 0.4 إلى 1.0 جيجاطن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
وينجم تدهور الغابات عن تقلص كثافة الكتلة الحيوية للأشجار بسبب العوامل البشرية أو الطبيعية مثل القطع والإسقاط والحرائق، وسقوط الأشجار بفعل الرياح القوية وغيرها من الأحداث.
وشدد دا سيلفا ، على أن الإدارة الأكثر استدامة للغابات ستقود إلى خفض انبعاثات الكربون من الغابات، بما لذلك من دور حاسم في التصدي لآثار تغير المناخ.
وأضاف إن الغابات لها دور حاسم في توازن الكربون الأرضي حيث تختزن ما يقرب من ثلاثة أرباع كميات الكربون المتواجدة في الأجواء، وإن إزالة الغابات وتدهورها تزيد من تركز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، في حين أن المناطق الحرجية ونمو الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون باعتباره أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وأبرز دا سيلفا أيضا أهمية تكثيف الزراعة المستدامة للحد من الضغوط على الغابات، جنبا إلى جنب مع تنفيذ برنامج اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ، كتدابير منشودة لخفض الانبعاثات الناجمة عن السياق الحالي لإزالة الغابات وتدهورها.
ويساعد امتصاص الغابات للكربون على الموازنة جزئيا للانبعاثات الكلية الناجمة عن تحويل الغابات إلى نماذج أخرى من استخدام الأراضي. وبوسع الغابات أن تمتص وتخزن ملياري طن إضافية من ثاني أكسيد الكربون سنويا خلال الفترة ما بين 2011- 2015، باستثناء الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات ذاتها. ويرتبط نصف قدرات بالوعة الكربون الحرجية بمعدلات النمو في الغابات المغروسة. وإذ تواصل البلدان المتقدمة كونها الجزء الأكبر من بالوعة الكربون العالمية، بحصة تقدر بما يبلغ 60 % خلال الفترة ما بين 2011- 2015 من المجموع العالمي ، إلا أن هذه الحصة تراجعت مع ذلك من 65 % خلال الفترة ما بين 2001- 2010، ويعزى ذلك أساساk إلى تباطؤ إنشاء غابات جديدة مغروسة.
وبالمقارنة، تمتص غابات البلدان النامية نحو 40 % المتبقية من مجموع عوادم الكربون في أجواء الكرة الأرضية، وعلى المستوى الإقليمي واصلت إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وإقليم البحر الكاريبي إطلاق كميات من الكربون تتجاوز ما تمتصه، وإن تراجعت الانبعاثات من إفريقيا وأمريكا اللاتينية كميا بين عامي 1990 و2015.
وتمثل البرازيل وحدها أكثر من 50 % من عوامل التقليص الكلي المقدر لانبعاثات الكربون بين 2001 و2015 ومثلت غابات أوروبا وأمريكا الشمالية بالوعات صافية لامتصاص الكربون خلال الفترة 1990- 2015، إذ امتصت من الكربون أكثر مما أطلقته في الأجواء في حين لم يظهر إقليم أوقيانوسيا (بلدان وجزر المحيط الهادي) اتجاها واضحا بالنسبة لانبعاثات الغابات خلال نفس الفترة.
واستند تحليل الفاو على البيانات الوطنية المقدمة من قبل البلدان باستخدام القياسات الأرضية والجوية ، ولا تقارن هذه البيانات مباشرة بالمعطيات الواردة من استخدام صور الأقمار الصناعية، والتي لا تلتقط رغم كفاءتها بعض نماذج الغابات أو بعض مراحل دورة نموها، مثلما لا تلتقط بسهولة ديناميات التغيير في استخدام الأراضي.
وعلى سبيل المثال، فإن الغابات الجافة في إفريقيا أو وسط البرازيل تتسم بفواصل واسعة نسبيا بين شجرة وأخرى، وغالبا ما تقل كثافتها الورقية خلال فترات طويلة من السنة مما يجعل من الصعب التقاطها بدقة بواسطة الاستشعار عن بعد. بل ويمكن أن تظهر أنشطة الحصاد العادية للغابات في نظر الدراسات الاستقصائية التي تنفذها الأقمار الصناعية كما لو كانت عمليات لإزالة الغابات.
ويساهم قطع أشجار الغابات في الاضطرابات المناخية، لأنه يقضي على “آبار الكربون” التي تشكلها الغابات في الدول الاستوائية ، يتجاوز قطع الغابات حدود البرازيل الذي خفضت منه بنسبة 70 % في الأمازون في السنوات العشر الأخيرة واندونيسيا التي اتخذت أخيرا إجراءات لمنع عمليات قطع جديدة. وسجل أكثر من 62 % من قطع أشجار الغابات الاستوائية خلال عام 2014 في مناطق أخرى غير هذين البلدين في مقابل 47 % في 2001.
وجاء في التقرير أن الباحثين خلصوا إلى وجود رابط قوي بين تراجع المناطق الحرجية وارتفاع أسعار المطاط في السوق العالمية في كل دول منطقة ميكونغ حيث صناعة المطاط تتطور على حساب الغابات.
وشهدت دول إفريقية عدة بينها سيراليون وليبيريا وغينيا وغينيا بيساو ومدغشقر أسرع وتيرة في قطع الغابات ، وسجل تراجع مساحة الغابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو-برازافيل والكاميرون والجابون وجمهورية إفريقيا الوسطى مع توسع مزارع زيت النخيل والأخشاب. وفي أمريكا اللاتينية تختفي بوتيرة سريعة غابات منطقة غران تشاكو في باراجوي والأرجنتين وبوليفيا بسبب تربية المواشي وزراعة الصويا.
ووجدت دراسة أمريكية جديدة أنه بحلول عام 2100، لن يتبقى أكثر من 18% إلى 45% من الحياة النباتية والحيوانية في غابات العالم الاستوائية الرطبة كما تعرف حاليا.
وبحسب دراسة أجرها معهد كارنجي لعلوم البيئة العالمية في بالو ألتو بكاليفورنيا ، أكدت الدراسة بيانات إزالة الغابات والقطع الانتقائي للأشجار مع توقعات تغير المناخ.
وبذلك فهي أول دراسة تنظر في التأثيرات الإجمالية لهذه العوامل مجتمعة على كافة المنظومات البيئية الاستوائية، بحيث تساعد المعنيين بالحفاظ عليها في تحسين وتسديد فاعلية جهودهم ، وأن هذا أول تجميع للتأثيرات المتوقعة على المنظومات الإيكولوجية العالمية بالغابات الاستوائية الرطبة المتضررة بهذه العوامل مجتمعة.
أما مناطق العالم المتوقع أن تعاني بتغير المناخ أكثر من غيرها، يمكن لإدارة الأراضي تركيز جهودها على تقليل ضغوطات إزالة الغابات، مما يساعد الأنواع الحية على التكيف مع تغير المناخ، أو تعزيز قدرتها على مواكبته في الوقت المناسب.
ومن ناحية أخرى، مناطق العالم الأقل تأثرا بالتغير المناخي يمكن استهدافها لاستعادة بيئتها كما كانت تحتفظ الغابات الاستوائية بأكثر من نصف أنواع نباتات وحيوانات الأرض لكن التأثير المشترك للتغير المناخي وإزالة الغابات وقطع الأشجار، قد تجبرهم على التكيف أو الانتقال أو الفناء، ونظر العلماء في دور استخدام الأراضي والتغير المناخي، عبر دمج الخرائط العالمية لرصد إزالة الغابات وقطع الأشجار المستمدة من صور أقمار اصطناعية وبيانات عالية الدقة بالتغيرات المستقبلية المتوقعة للغطاء النباتي الناتجة عن تطبيق 16 نموذجا مناخيا عالميا مختلفا.
وأجريت سيناريوهات حول الكيفية التي يمكن أن تتوزع بها مختلف الأنواع الحيوية جغرافيا بحلول عام 2100. وافترضوا إعادة تنظيم أنواع النبات كالأشجار الاستوائية دائمة الخضرة العريضة الأوراق، وأشجار الجفاف الاستوائية التي تنفض أوراقها بنهاية موسم الاستنبات، بالإضافة لأصناف الأعشاب المختلفة كتوابع لتغيرات التنوع الحيوي.
وبالنسبة لأمريكا الوسطى والجنوبية ، قد يبدل التغير المناخي ثلثي التنوع الحيوي (إجمالي النباتات والحيوانات في النظام البيئي) بالغابات الاستوائية الرطبة. وإن الجمع بين ذلك السيناريو والوتيرة الراهنة لتغير استخدام الأراضي سيؤدي لتبدل التنوع الحيوي 80% من حوض الأمازون، ويرجح أن تأتي معظم التغيرات بإقليم الكونغو من قطع الأشجار الانتقائي وتغير المناخ ، مما يلحق أضراراk بنحو 35% ? 74% من الإقليم.
وعلى المستوى القاري يرجح أن يتضرر حوالي 70% من التنوع الحيوي بغابات أفريقيا الاستوائية، إذا لم تتراجع الممارسات السلبية الحالية. وفي آسيا ووسط وجنوب جزر المحيط الهادي ، فإن إزالة الغابات وقطع الأشجار هما المحركان الرئيسيان لتغيرات النظام البيئي.
وتشير تنبؤات النماذج المناخية إلى أن التغير المناخي هناك قد يؤدي دورا أقل من دوره بأمريكا اللاتينية وأفريقيا. وتظهر الأبحاث أن 60% ? 77% من المساحة عرضة لخسائر بالتنوع الحيوي جراء التغيرات الهائلة الجارية في استخدام الأراضي بالإقليم.
وقال “دانيال نيبستاد” كبير علماء بمركز أبحاث وودز هول، إن محصلة هذه الدراسة أقوى دليل حتى الآن على أن النظم الإيكولوجية الطبيعية بالعالم ستخضع لتغيرات عميقة، بما فيها تبدلات شديدة في تشكيل الأنواع الحيوية بها ، وذلك من خلال التأثير المشترك للتغير المناخي واستخدام الأراضي. وأضاف نيبستاد أن الحفاظ على الكائنات الحية سوف يعتمد على حدوث تخفيضات سريعة وحادة في انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري.
وتمثل الغابة الاستوائية من أنواع الغابات وتعرف على مجال حيوي بيئي يتواجد بين خطي العرض +10 و-10بالنسبة لخط الاستواء ، ولذلك تنتشر في جنوب آسيا وأستراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وعديد الجزر في المحيط الهادي. ويصنف الصندوق العالمي للطبيعة الغابات الاستوائية على أنها غابات مطيرة، ويبلغ معدل الإمطار في هذه الغابات بين 1.25 متر و6 أمتار سنويا، لكن المناطق التي تهب فيها الرياح الموسمية قد تعرض لبعض المواسم الجافة ، وتصنف ضمن الأقاليم المناخية على أنها إقليم مناخ استوائي.
ويعيش في الغابات الاستوائية نحو نصف النباتات والحيوانات ، وتصدر هذه الغابات ربع مكونات الأدوية الطبية الحديثة فعقار “الكوراري” على سبيل المثال والذي يستعمل مخدرا ومرخيا للعضلات في أثناء الجراحات يستخلص من النبات الاستوائية المتسلقة وكذلك عقار “الكينين” المضاد للملاريا يستخلص من نبات الكينا; وكذلك “ونكة مدغشقر” المضادة لابيضاض الدم الليمفاوي وحوالي 1400 نبتة بإمكانها معالجة السرطان وفق كلام العلماء لكن يقل في هذه الغابات وجود النبات الهوائية.
ولا تكاد درجات حرارتها تتجاوز 34 درجة مئوية ومعدل رطوبتها بين 77% و88% والغابات الاستوائية التي تنطوي على شجيرات وأشجار طويلة تدعى أدغالا وتحتل الغابات الاستوائية أقل من 6% من سطح الأرض وتنتج 40% من أوكسجين كوكب الأرض لانطوائها على عدد كبير من النباتات، حيث أحصى العلماء ما بين 100 إلى 300 نوع من النباتات في هكتار واحد ، و70% من نباتات الغابات الاستوائية هي أشجار.
وكانت الغابات تغطي في الأصل 30% من مساحة اليابسة على سطح كوكب الأرض ، وكان يقطنها من 40% إلى 70% من كافة المخلوقات الحية على الأرض حسب أفضل التقديرات العلمية ، لكن هذه الغابات الجوهرية لوجود الحياة على الكوكب تقطع حاليابسرعة كبيرة لأغراض مختلفة، منها تفريغ مساحات لإتاحة توسع المدن أو زرع العشب لتقات عليه الماشية ، أما الأشجار المقطوعة فهي تباع لكي تصنع منها أوراق للكتابة والطباعة أو أثاث منزلي متنوع.
وفي الوقت الحاضر وصلت معدلات قطع الأشجار إلى أرقام عالية جدا مع التضخم السكاني حول العالم ، فالأشجار تقطع الآن بمعدل هكتار في كل ثانية، مما يعني أن غابة مساحتها تعادل مساحة مدينة طوكيو اليابانية تقطع كل يوم (250 كم مربع تقريبا)، وهذا يساوي مساحة 320 ألف كم مربع في العام، وهي مساحة تتجاوز مساحة دولة بولندا الأوروبية.
وحتى الآن، تضررت نسبة 70% من غابات قارة أوروبا الصنوبرية نتيجة للقطع والتدمير المستمرين، وفي بعض الدول مثل ساحل العاج في أفريقيا وتايلندا في آسيا وصلت الغابات المقطوعة إلى نسبة 80 % ، وفي دولة أندونيسيا الواقعة جنوب شرق آسيا تقطع الأشجار والغابات بمعدل 200 ألف هكتار في العام، مما بدأ يقضي على التربة هناك ويفقدها خصوبتها، وقد كانت جزيرة سومطرة الإندونيسية تصنف في الماضي على أنها واحدة من أغنى وأثمن مناطق العالم بالغابات المدارية الطبيعية، أما الآن فيقدر أن سومطرة فقدت من 60% إلى 80% من غاباتها الأصلية خلال آخر 100 عام وما زال القطع مستمرا.
وكانت الغابات المطيرة تغطي ثلاثة أرباع أراضي جزيرة بورنيو الإندونيسية الأخرى ، لكن بسبب قطع الأشجار لأغراض مختلفة فقد تضاءلت غاباتها بسرعة حيث تم خلال الفترة بين عامي 2000و2005 ، قطع نسبة 4% تقريبا من غابات الجزيرة ، ويقدر أن نسبة الغابات فيها تناقصت من 75 % تقريبا إلى 50% فقط بين عامي 1985و2005، ويتنبأ بأن تصل نسبة غاباتها إلى أقل من 35% من مساحة الجزيرة الكلية بحلول عام 2020 إذا ما استمر القطع على هذا المعدل.
أما في قارة أمريكا الشمالية فقد بقي الآن ما يقل عن شجرة واحدة من بين كل 20 شجرة كانت موجودة في أنحاء القارة ، وفوق هذا، فإن حوالي 25% من هذه الأشجار التي تقطع في أمريكا الشمالية تبقى على الأرض في مكانها حتى تتعفن وتصبح غير قابلة للاستخدام دون الانتفاع بها في شيء أو نقلها للاستفادة منها.
وفي أوروبا اختفي أكثر من نصف غابات بريطانيا خلال آخر نصف قرن فقط ، فضلا عن أن العديد من غابات القارة فقد جزءاk كبيراk من تنوعه الحيوي ، ويعتقد أن 50% من غابات العالم دمرت أثناء الفترة الممتدة بين عامي 1950 و2000 فقط ، ويتوقع مع هذا المعدل الهائل أن معظم الغابات المطيرة حول العالم ستكون قد دمرت وخربت بحلول عام 2050 ، ولقطع الأشجار وتدمير الغابات هذين تهديدات بالنسبة للمجتمعات البشرية أيضا، مما يمكن أن يسبب أضرارا جسيمة ، فاختفاء الأشجار يخل بالتوازن الطبيعي في البيئات المحلية، ومن ذلك جرف السيول التي تضرب الغابات عديمة الأشجار للتربة السطحية الخصبة التي تحتوي المواد العضوية، مما يجعل الزراعة متعذرة في أرض الغابة الخصبة السابقة، كما أنه يمكن لهذا أن يتسبب بانزلاقات أرضية في حال كانت الأرض منحدرة أو أن يسبب فيضانات ضخمة مثل فيضانات بنغلادش عام 1988.
ويشكل اختفاء الغابات المستمر من حول العالم تهديداk أيضاk للمناخ العالمي وذلك لعدة عوامل ، إذ أن للغابات المطيرة دورا جوهريا في تكوين السحب ، فعند هطول الأمطار على غابة مطيرة تتكون سحب جديدة ، أما عندما تقطع أعداد ومساحات ضخمة من الأشجار فالسحب لا تتكون والأمطار لا تهطل وتصبح الأراضي أجف أكثر وأكثر ، أما المشكلة المناخية الأكبر لهذه الغابات فهي تأثيرها على الاحتباس الحراري ، فقطع الأشجار والغابات يخل بدورة الكربون الطبيعية، حيث إن الأشجار تختزن بشكل طبيعي داخلها كميات من عنصر الكربون تمتصها من الجو، وعندما تحرق الشجرة أو تتحلل بعد قطعها تتحرر هذه الكميات منها وتنبعث إلى الجو المحيط بها على شكل غاز ثاني أكسيد الكربون، وهذا فضلا عن أن الطبقات السفلية من الغابات تختزن داخلها كميات من الكربون تتحرر عند زوال الغابات مما يطلق ملايين الأطنان من الكربون إلى الجو، ولذا فإن قطع أشجار أكثر مما يزرع من شأنه أن يزيد من نسبة الكربون في الجو ويزيد من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
وتعتبر غابات الأمازون أضخم غابة مدارية في العالم ونهرها هو أضخم نظام أنهار في العالم وهي مصدر خمس الماء العذب على الكوكب تملك هذه الغابة تنوعا حيويا مدهشا، لدرجة أنها تضم نوعا واحدا من بين كل 10 أنواع من الحيوانات في العالم كله، فيمكن لهكتار واحد من الأمازون أن يحوي ما يتراوح من 200 إلى 500 نوع من النباتات، ويمكن لشجرة واحدة أن تضم 40 نوعا من النمل، وهي موطن لربع أنواع الثدييات في العالم وعشرة أنواع الأسماك وخمس أنواع الطيور وحوالي 2.5 مليون نوع من الحشرات.
وتواجه غابات الأمازون اليوم خطراk كبيراk بسبب ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة الاحتباس الحراري فضلاk عن قطع الأشجار المستمر ، فقد خسرت البرازيل وحدها 150ألف كيلومتر مربع تقريباk من غاباتها بين عامي 2000 و2006 فقط (وهي مساحة أضخم من مساحة اليونان).
وأما من كافة مناطق غابة الأمازون فقد قطع أكثر من 600 ألف كم2 منذ عام 1970 وتذهب بعض التقديرات إلى أنه مع استمرار هذا المعدل فسيختفي 55% من الأمازون بسبب القطع والتدمير بحلول عام 2030، مع أن 15% تقريبا من هذا الأشجار تقطع فقط للوصول إلى الأماكن التي تجتث منها الأشجار، وعلاوة على هذا، فإن هذه الغابات الضخمة تواجه تهديداk آخر بسبب الاحتباس الحراري، الذي يمكنه أن يهدد وجود معظم هذه الغابات خلال قرن ونصف فقط ، حسب بعض النماذج التي أعدت لارتفاع حرارة المناخ، فيتوقع أن يختفي ما بين 20% و40% من الغابة في حال ارتفعت الحرارة درجتين مئويتين، أما إذا ارتفعت 3 درجات فسترتفع الخسائر إلى 75%، وبمعدل 4 درجات فيمكن أن يصل الرقم إلى 85 % حسب هذه التقديرات.
والأسوأ في الأمر أن غابات الأمازون الشاسعة تختزن في أشجارها وأراضيها كميات هائلة من الكربون الذي ما إن يتحرر منها حتى ينطلق إلى الجو مسببا تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري أكثر وأكثر.
فيقدر أنها تحوي ما يتراوح من 90 إلى 140 مليار طن من الكربون، وسيكون لهذا المخزون بالغ الأثر على المناخ حالما يتحرر من الغابة بعد قطع .
وهذا فضلا عن أنها كانت خلال العقود الماضية تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو بمعدل ملياري طن في العام مخففة بذلك من وطأة الاحتباس، مما يعني أنها امتصت حتى الآن انبعاثات 11 عاما من الغازات الدفيئة.
ويمكن اعتبار البشر من أكبر التهديدات التي تسبب تدمير المواطن والمساكن الطبيعية حول العالم ، فأعداد الحيوانات لا تزداد عادة بشكل حاد وتظل متوازنة بشكل طبيعي ، أما أعداد البشر على الكوكب فقد أخذت بالازدياد بشكل مضطرب وشديد جدا خلال القرون الأخيرة ، ووفقا لتقرير الأمم المتحدة ، يعيش 1.3 مليار شخص على الأقل أو 18 % من سكان العالم في بيوت مبنية من الأخشاب ، ويمثل ذلك اعتبارا على جانب من الأهمية الفائقة بالنسبة للبلدان الأقل نمو، حيث عادة ما تكون منتجات الغابات أكثر يسرا في الحصول عليها من مواد البناء الأخرى.
وتوظف أنشطة إنتاج مواد البناء، والطاقة الخشبية، ومنتجات الغابات غير الخشبية في الغابات نحو 41 مليون شخص على الأقل في قطاع “غير رسمي” بجميع أنحاء العالم، أي ثلاثة أضعاف عدد العاملين في قطاع الغابات الرسمي ، ومع هذا التزايد الكبير في أعداد الناس فحاجاتهم تتزايد ، واستهلاكهم للموارد الطبيعية يزداد أيضا بسرعة كبيرة ، ولذا فإن حاجات النمو السكاني من الموارد والأراضي أصبحت الحاجة الرئيسية وراء تدمير البشر للمواطن الطبيعية، وذلك في عدة أشكال.
ويتسبب قطع الأشجار بهدف تصنيع الخشب والورق في اختفاء الغابات إلى حد كبير، ومع أنه لا تقطع في العادة سوى الأشجار الكبيرة فإن هذا يسبب في كثير من الأحيان تخريب الأشجار الصغيرة التي لا تنمو أبدا مجددا ، كما أن البلدان الفقيرة لا تمتلك عادة سوى الخشب كمصدر للوقود، مما يتسبب بقطع الأشجار إلى حد كبير، فحوالي 80 % من الخشب الذي يقطع في العالم يستخدم لإنتاج الوقود ، ويمكن أيضا أن تقطع الأشجار لأهداف استخدام الأراضي نفسها وليس الأشجار، مثل توفير المراعي لماشية المزارعين أو لزراعة الأرض ، أو إتاحة مساحة لبناء المدن وشق الطرق ، وحرائق الغابات هي أيضا مسبب لتدمير الغابات فهي تدمر ما بين 15 و36 مليون فدان من الغابات المدارية كل عام.
فإعادة زراعة منطقة قاحلة استخدمت سابقا كمنجم للتنقيب عن الفحم في أسكتلندا، المملكة المتحدة.
وتشير التقارير إلي أنه في أواخر القرن 20، وتحديدا في العقد الأخير منه (1990 ، 2000)، كان معدل قطع الأشجار السنوي المسجل يبلغ 8.9 مليون هكتار ( 21 % منها في البرازيل وحدها) أو ما يعادل نسبة 2.2% سنويا من مساحة الغابات التي كانت موجودة آنذاك، لكن بالرغم من تلك الأعداد الهائلة التي كانت تقطع في السابق وخسارة الأرض ل`60% من غاباتها خلال القرن الأخير، فقد بدأت هذه المعدلات الهائلة بالانخفاض والاهتمام العام بالبيئة بالتحسن مع مطلع القرن21.
إذ انخفضت كمية الأشجار التي تقطع سنويا حسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة بين عامي 2000 و2005 إلى 7.3 هكتار (24% منها في البرازيل وحدها)، وبذلك أصبح المعدل عام 1.8% من إجمالي مساحة غابات العالم.
وقد سجل خلال العقد الأول من القرن 21(2000-2010) وفقا للأمم المتحدة انخفاض بنسبة تقارب 20% في المعدلات العالمية لقطع الأشجار، في مقابل ارتفاع لمعدلات إعادة زراعتها للتقليص من الضرر الإجمالي في بلدان من أبرزها الصين، حيث بلغ متوسط مساحة الغابات المقطوعة سنويا 5.2 مليون هكتار خلال هذا العقد، وهو وفقا للمنظمة أول انخفاض يسجل في المعدل العالمي لتدمير الغابات ، ومن أبرز الدول التي سجلت انخفاضا خلال تلك الفترة الصين وإندونيسيا بعد أن خسرتا مساحات هائلة من غاباتهما الطبيعية ، وقد أدى هذا الانخفاض الملحوظ إلى تحسن معدلات الكربون التي تبتعثها الغابات ، إذ انخفضت إلى 500 مليون طن سنويا بعد أن كانت أعلى بكثير في التسعينات ، لكن مع ذلك فإن المنظمة تعتبر أن المعدل العالمي لا زال مرتفعا وخطيراk جداk ، ولا بد من تخفيضه إلى حد أكبر خلال السنوات القادمة.
كما أنه تم تسجيل عدد من البلدان خلال السنوات الماضية لنمو معاكس إيجابي في نسبة الغابات في أراضيها، وذاك عائد إلى زراعة الغابات والنمو والتمدد الطبيعيين للأراضي الشجرية فيها ، وحسب التقديرات للفترة الممتدة بين عامي 2000 و2005 فأعلى 10 دول في العالم من حيث توسع أحراشها والنسبة السنوية لذلك هي : راوندا 6.9% ،آيسلندا 3.9% ،البحرين 3.8% ، ليسوتو 2.7% ، الكويت 2.7% ، مصر 2.6% ، الصين 2.2% ، كوبا 2.2% ، فيتنام 2.0% ، تونس1.9%.
ويسعي برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلي وقف هذا التدمير، وتعمل علي استعادة الغطاء الشجري الذي يساعد المجتمعات وخاصة الفقيرة في العالم علي إعالة أنفسهم وعلي إعادة بناء الاقتصادات المحلية.