سلط تقرير لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية الضوء على سياسة تل أبيب الممنهجة في اعتقال الأطفال الفلسطينيين والزج بهم في غياهب السجون، في مسعى لترك جروح في هؤلاء لا تندمل مع الزمن.
وتقول الصحيفة إن قوات الاحتلال تعتقل ما معدله 1000 طفل فلسطيني كل عام، بعضهم لم يتجاوز سن 15 عاما، ويكون السبب عادة وراء الاعتقال هو رشق الحجارة.
وتتيح القوانين في إسرائيل للجيش والأجهزة الأمنية اعتقال الأطفال الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة. وتكشف خريطة الاعتقال عن استراتيجية إسرائيلية، فكلما كانت القرية قريبة من المستوطنات، يزداد احتمال تعرض الأطفال إلى الاعتقال والأذى، وفق “هآرتس”.
وتضرب الصحيفة مثلا بقرية عزون شمالي الضفة الغربية، القريبة من مستوطني “كرني شمرون”، إذ تكاد كل الأسر في هذه القرية تقريبا قد ذاقت مرارة اعتقال ابنهم الصغير.
ويقول السكان إنه في السنوات الخمس الماضية تعرض أكثر من 150 تلميذا للاعتقال في المدرسة الوحيدة الموجودة في القرية.
يذكر أن تقريرا لقانونيين بريطانيين خلص إلى أن ظروف الاعتقال التي يتعرض لها الأطفال في إسرائيل سيئة جدا وتصل إلى حد التعذيب، الذي يترك آثارا نفسية لا تمحى.
ويتساءل حقوقيون عن سبب اعتقال إسرائيل للأطفال الفلسطينيين في جو من الترهيب، عوضا عن استدعائهم، فيما تقول بيانات بحسب “هآرتس” إن 12 من الأطفال يتلقون استدعاءً للحضور لمركزا الجيش الإسرائيلي.
وتقول المحامي المدافعة عن الأطفال الفلسطينيين، فرح بيادسة، إن الجيش الإسرائيلي يبرر اقتحام منازل الأطفال في وقت متأخر من الليل لأسباب أمنية، لكن المحامية ترى الأمر متعمدا وذلك لإحداث صدمة تبقى مع الطفل طيلة حياته.
وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى حالات 40 طفلا اعتقلوا في أماكن، وقعت بالقرب منها عمليات رشق حجارة، على جنود إسرائيليين.
وفي المرحلة التالية ما بعد الاعتقال، يجري نقل الأطفال إلى قاعدة للجيش أو مركز للشرطة في مستوطنة قريبة، وعيونهم معصوبة.
ومجرد دخول القاعدة أو مركز الشرطة، يتم وضع القاصر، الذي لا يزال مكبل اليدين ومعصوب العينين، على كرسي أو على الأرض لبضع ساعات، يتألم من جولات الضرب التي تعرض لها أثناء اعتقاله.
وأكثر ما يثير رعب الأطفال، كابوس التحقيق، إذ ينهال ضباط المخابرات بالتهديدات والأسئلة عليهم بعد إزالة الغطاء عن أعينهم.
ويهدف هذا الأسوب إلى حمل الطفل أو الفتى على توقيع اعتراف، وفي بعض الحالات، يعد المحقق الطفل إذا اعترف بأنه سيقدم له وجبة طعام، مستغلا جوعه وألمه.
وتقول المحامي بيادسة إن الطفل سواء اعترف أم لا، فإن سيدخل المحطة التالية، وهي السجن، لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة.
وتنتهي الغالبية العظمى من المحاكمات الخاصة بالأطفال بالصفقة، وهي كلمة يعرفها الأطفال الفلسطينيون جيدا، حتى لو لم يكن هناك دليل قوي يدين الطفل، فإن الاعتراف هو الخيار المفضل له ولذوي حتى يتخلص من العذاب الذي هو فيه. وفي حال رفض الطفل الاعتراف، قد تستمر المحاكمة لفترة طويلة.
وتصف المحامي بيادسة عملية اعتقال الأطفال الفلسطينيين بأنها “رحلة لا نهاية لها إلى الجحيم”، موضحة أن “حادثة الاعتقال تظل عالقة في ذهن الطفل حتى بعد سنوات من إطلاق سراحه”، ويصل الأمر أحيانا إلى “زرع شعور دائما بانعدام الأمن لدى الطفل قد يبقى معه طيلة حياته”.
المصدر: وكالات انباء