تستعد الشركات في جميع أنحاء العالم ، اليوم لمزيد من تداعيات أكبر هجوم إلكتروني، مع عودة الموظفين إلى عملهم مطلع الأسبوع الغربي.
وتثير الهجمات الإلكترونية غير المسبوقة التي شهدها 150 بلداً على الأقل الجمعة، مخاوف من حدوث “فوضى إلكترونية” بعد أن أبدى الخبراء خشيتهم من تفاقم أثر الفيروس الإثنين مع تشغيل ملايين الحواسيب.
ويقول الخبراء إن نطاق المشكلة يمكن أن يتوسع مع عودة الناس إلى عملهم وتشغيل حواسيبهم مما قد يؤدي إلى عودة انتشار الفيروس.
قال مدير احدي الشركات “سنحصل على أداة فك التشفير في نهاية المطاف، لكن في الوقت الحاضر، ما زال هذا التهديد قائماً، ونحن ما زلنا في وضع التعافي من الكوارث”، مضيفاً أن عدد الحالات ما زال مرتفعاً، وأضاف أن الوكالة تقوم بتحليل الفيروس ولم تحدد بعد من المسؤول عن الهجوم.
وأوضح “الأمر لم ينته بالتأكيد”، معبراً عن مخاوف من تزايد عدد الضحايا “حين يعود الناس إلى العمل ويشغلون حواسيبهم بعد أن كان يوم الأحد هادئاً إجمالاً”.
وتساءل مدير استراتيجيات الأمن في شركة أمن إلكتروني لورين هيسلو “إزاء اتساع دائرة الهجمات يمكن أن نتساءل عما إذا كان الهدف السعي إلى إحداث فوضى إلكترونية”.
ويتمثل الفيروس في برنامج طلب وهذا البرنامج يمنع المستخدم من فتح برامجه ويجبره على دفع مبلغ قيمته 300 دولار (275 يورو) لاستعادتها، وتدفع الفدية بالعملة الافتراضية “بيت كوين” التي يصعب تقفي اثرها.
وبحسب مدير الشرطة الأوروبية “هناك عدد قليل من عمليات الدفاع حتى الآن للفدية المطلوبة”، وأشارت شركة سيمانتك إلى 81 عملية سجلت منتصف السبت بلغت قيمتها الاجمالية 28600 دولار.
تكمن المشكلة في سرعة وسهولة انتقال الفيروس، إذا قد يصل للجهاز دون فتح أي رابط، وعن ذلك أوضح الرئيس التنفيذي لشركة الأمن بوفرزون إسرايل ليفي لسي إن إن “رانسوم وير ينقل بسهولة بين الأجهزة دون حاجة لفتح رابط معين، فإذا فتح أحد زملاء العمل ملفاً مصاباً بالفيروس، فستكون جميع الأجهزة في المكتب عرضة للهجوم”.
وحذر باحث بريطاني مجهول الهوية تمكن من وقف انتشار الفيروس، من أن القراصنة قد يعاودون الهجوم مع تغيير الرمز، وعندها سيكون من المستحيل وقف الفيروس.
وقال في تغريدة “لن تكونوا في أمان إلا إذا اعتمدتم نظام العلاج التصحيحي بأسرع ما يمكن”.
وللتصدي للهجوم قررت شركة مايكروسوفت إعادة تفعيل عملية تحيين بعض نسخ برمجياتها، ويهاجم الفيروس خصوصاً نسخة ويندوز إيكس بي التي لم تعد ميكروسوفت مبدئياً مسؤولة عن متابعتها تقنياً، ولم يتم استهداف البرنامج الجديد ويندوز 10.
وقال مدير الشرطة الأوروبية “من الصعب جدا تحديد وحتى معرفة مكان منفذي الهجمات. نحن نخوض معركة معقدة مع مجموعات جريمة إلكترونية يزداد تطورها، وتلجأ إلى التشفير لإخفاء أنشطتها، التهديد يتزايد”.
بدورها، قالت شركة مايكروسوفت إن الهجوم الإلكتروني يجب أن يكون بمثابة “ناقوس خطر” للحكومات.
وقال رئيس مايكروسوفت براد سميث، إن هذا الهجوم يقدم مثالاً جديداً حيال تكديس الحكومات لمعلومات عن الثغرات الأمنية في أنظمة الحواسيب، وأوضح أن البرنامج الخبيث المستخدم في الهجوم، تمت سرقته من وكالة الأمن الوطني الأمريكية.
وأوضح سميث أن الثغرات التي تخزنها الحكومات تسربت وأصبحت مشاعة “وأحدثت أضراراً واسعة النطاق”، وأضاف “ربما يحدث سيناريو مشابه مع الأسلحة التقليدية، ليجد الجيش الأمريكي أن بعض صواريخ توماهوك سرقت منه”.
في سياق متصل، بدأ البعض في إحصاء خسائر أولية للهجوم، وتقدير كلفة حاجة الشركات والمؤسسات المتضررة لتحديث أنظمتها، وتشير التقديرات الأولية إلى مئات ملايين الدولارات.
واستهدف القراصنة الحصول على أكثر من نصف مليار دولار في حال استجابة كل من تضرر، وهو ما لم يحدث.
وكان الأكثر تضرراً هو نظام الرعاية الصحية البريطاني، وحسب التصريحات الرسمية يمكن تقدير خسائر أولية بعشرات ملايين الجنيهات الاسترلينية.
إلا أن تحديث أنظمة العمل القديمة التي تعمل على أساسها المستشفيات من إجراء الأشعة إلى العلاج الكيماوي لمرضى السرطان، قد يتطلب أكثر من مليار جنيه إسترليني.
ولم يقتصر الهجوم على مؤسسات حكومية، بل طال أيضا شركات وأعمال خاصة مثل مصنع سيارات نيسان في بريطانيا ومصنع سيارات رينو في سلوفينيا وشركة تليفونيكا العملاقة للاتصالات في إسبانيا.
وفي البرازيل توقفت كل أجهزة كمبيوتر نظام الضمان الاجتماعي معطلة معاملات جمهور المتقاعدين، كذلك اضطرت شركة النفط الوطنية، بتروبراس، لفصل أجهزة الكمبيوتر تفادياً لأضرار جسيمة، لكن ذلك أدى إلى خسائر أولية لم تقدر بعد.
وفي النرويج وألمانيا تعطلت كمبيوترات شركة القطارات، ومكاتب إصدار بطاقات المباريات، واضطرت الشركة الألمانية لتشغيل عشرات العاملين فترات إضافية لمساعدة ركاب القطارات حتى لا تتعطل الخدمة ما كلفها رواتب إضافية.
وفي روسيا والهند وغيرهما اضطرت السلطات وبعض إدارات المؤسسات لوقف العمل وفصل أجهزة الكمبيوتر مما نتج عنه خسائر لم تحدد بعد.
المصدر: وكالات