يتوقع المراقبون للاقتصاد الإيراني تفاقم مشاكله مع التغير في السياسة الأميركية بشأن الاتفاق النووي وتناقل وكالات الأنباء حالة من القلق من داخل إيران خوفا من العودة للحياة الصعبة في ظل العقوبات، فيما توقف الشركات الكبرى مؤقتا تعاملاتها مع إيران.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن عدم التصديق على التزام إيران في المراجعة التي يقوم بها البيت الأبيض كل 3 أشهر بطلب من الكونغرس، كما طلب من وزارة الخزانة فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني باعتباره منظمة إرهابية.
وبانتظار أن يعيد الكونجرس فرض عقوبات أميركية على إيران، كان قد تم رفع بعضها إثر دخول الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى حيز التنفيذ مطلع العام الماضي، تتحسب الشركات الأميركية لمدى تلك العقوبات وتبعاتها على أي نشاط محتمل تقوم به مع طهران.
كما أن عودة إيران للقطاع المالي العالمي ستتعطل مع مخاوف البنوك والمؤسسات المالية من احتمال أن تقع تحت طائلة غرامات هائلة في أميركا إن هي تعاملت مع إيران.
ونقلت بعض وكالات الأنباء تقارير من داخل إيران تعكس حالة الخوف والقلق لدى المواطنين من احتمالات العودة للعيش في ظل العقوبات وما يعنيه ذلك من أوضاع معيشية صعبة.
وفي تحقيق لوكالة رويترز للأنباء تنقل عن إيرانيين من مشارب مختلفة مخاوفهم من زيادة الفقر والظلم الاقتصادي، رغم أن الغالبية تلقي باللائمة على أميركا في مشاكل بلدهم.
كما أن عودة العقوبات يمكن أن تزيد من الهوة الواسعة بالفعل بين الأغنياء والفقراء في إيران، وحسب بعض المحللين ستوفر ذخيرة للحرس الثوري وغيره من القوى المتشددة للنيل من أي إصلاحات اقتصادية تقوم بها حكومة الرئيس حسن روحاني لتقليل تلك الهوة الاقتصادية/الاجتماعية.
وفي الأيام الأخيرة تراجع سعر صرف الريال الإيراني، وتوقفت شركات الصرافة في طهران عن بيع الدولار الأميركي تحسبا لهبوط سعر صرف العملة المحلية مقابله أكثر فأكثر في الأيام المقبلة.
رغم تراجع معدل التضخم في ظل حكومة الرئيس حسن روحاني، إلا أن مشكلة البطالة لم تخف بما يجعل التحسن في الأرقام الكلية للاقتصاد غير ذي معنى للمواطن العادي الذي ما زال يعاني مصاعب اقتصادية.
وفي حال أعادت أميركا فرض عقوبات على طهران، يتوقع أن ترتفع الأسعار بشدة خاصة أسعار السلع الأساسية كالأرز والخبز ما سيجعل معدلات التضخم الرسمية بلا قيمة حتى لو أظهرت تحسنا.
تزيد نسبة البطالة عن 15 في المئة، حسب الأرقام الرسمية، إلا أن كثيرا من المراقبين يقدر أنها أكبر من ذلك بكثير أخذا في الاعتبار كذلك أن الكثير من الوظائف لا توفر إلا أجورا ضئيلة لا تكفي للعيش بما يجعل العاملين فيها في حكم العاطلين.
رغم ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون من أن التغيير في الموقف الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران لن يؤثر على الشركات التي طلبت بالفعل ترخيصا للعمل مع إيران وحصلت عليه، إلا أن كثيرا من الشركات الأميركية أوقفت أي تعامل محتمل مع طهران حتى تتبين تماما الموقف الرسمي الأميركي وما إذا كان الكونغرس سيعيد فرض عقوبات. وعدول هذه الشركات عن التعامل مع إيران يشكل مقتلا لاقتصاد البلاد كما يرى المتابعون.
على سبيل المثال، كان قطاع النفط والغاز في شركة جنرال إلكتريك الأميركية أعلن عن مبيعات بنحو 20 مليون دولار لإيران مطلع العام كلها لها علاقة بقطاع النفط الإيراني. وأعلنت الشركة قبل أشهر أنها تبحث مع إيران فرصا أخرى، إلا أن ذلك سيتوقف الآن بانتظار تفاصيل أي عقوبات محتملة.
ومع أن الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران في 2015 لا تتفق مع إدارة ترامب في عدم التزام إيران بالاتفاق النووي إلا أن الشركات الأوروبية التي سارعت نحو إيران بعد رفع العقوبات قبل نحو عامين تعيد التفكير في قراراتها.
وأعلنت شركة بريتش بتروليم، التي أسست قطاع النفط والغاز الإيراني القرن الماضي، أنها في الوقت الحالي “ليس من أولوياتها الاستثمار في إيران”.
وتخشى الشركات الأوروبية من أن عودة عقوبات أميركية على إيران سيعني تعرضها لغرامات وربما حرمان من السوق الأميركية إن هي تعاملت مع إيران.
على سبيل المثال، شركة رينو الفرنسية التي اتفقت مع طهران على مصنع جديد لإنتاج مئات آلاف السيارات في إيران تعيد التفكير في قرارها الآن.
وقال رئيس اتحاد رينو-نيسان كارلوس غصن في حديث للصحفيين في باريس قبل أيام إنه “سينتظر حتى يرى ما سيفعله الرئيس ترامب بالضبط، لكن إعادة فرض العقوبات سيوقف بعض الاستثمارات التي ننوي القيام بها (في إيران)”.
المصدر: وكالات أنباء