يبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى، اليوم الأربعاء، زيارة رسمية إلى العاصمة البريطانية لندن ، بدعوة من رئيس الورزاء البريطانى، ديفيد كاميرون ، في أول زيارة لرئيس مصرى منذ عام ٢٠٠٢، ومن المقرر أن يشهد الرئيس السيسى خلال الزيارة توقيع حزمة من الاتفاقيات في مجال التعليم والأمن والاستثمار.
وترتبط بريطانيا ومصر بعلاقات تاريخية، بدءا من الاستعمار في بداية القرن الماضى، وصولا إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية في أعقاب الاستقلال، ويرى سياسيون ودبلوماسيون أن الزيارة ستفتح آفاق التعاون بين الجانبين، مشيرين إلى أن تعزيز العلاقات مع بريطانيا مهم جدا نظرا لتأثير إنجلترا على السياسات الأوروبية والأمريكية.
وقال السفير محمد شاكر، سفير مصر الأسبق لدى بريطانيا، إن زيارة الرئيس السيسى إلى بريطانيا مهمة جدا، موضحا أن العلاقات بين البلدين جيدة، ولها تاريخ طويل، مشيرا إلى أن أهمية بريطانيا تكمن في أنها تلعب دورا مهما في السياسة الدولية، ولها تأثير كبير على دول أوروبا والولايات المتحدة.
وأضاف أنه من الممكن أن تكون هناك خلافات بين الولايات المتحدة، وبريطانيا على العديد من الموضوعات لكن الأمريكان دائما ما يتأثرون بالموقف البريطانى عند اتخاذ القرارات فبريطانيا أوثق حليف للولايات المتحدة.
وأشار إلى أن زيارة وفد من أعضاء مجلس اللوردات لمصر في الفترة الماضية ستكون مدخلا جيدا للزيارة، وقال: «أعتقد أن الزيارة ستكون مهمة لفتح أبواب الاستثمار البريطانى في مصر، لتتحول بريطانيا إلى أكبر مستثمر في مصر، ما سيغير من حال الاقتصاد المصرى»، ضاربا المثل بحجم الاستثمارات البريطانية في دول الخليج.
وأكد «شاكر» أن تواجد الإخوان المسلمين في بريطانيا ومعارضتهم للرئيس السيسى لن يكون له تأثير على الزيارة، موضحا أن بريطانيا يعيش فيها عدد كبير من المسلمين، منوها إلى أن الوجود الإسلامى قوى جدا هناك، وأن الإخوان أقلية، مدللا على ذلك بأن مدينة مثل برمنجهام بها ١٠٠ مسجد وزاوية، والمسلمون هناك يرسلون صورة جميلة عن مصر.
ووصف الدكتور المعتز بالله عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية، الزيارة بأنها مهمة جدا بحكم العلاقات مع الاتحاد الأوروبى، مشيرا إلى أن بريطانيا لها تأثير على كثير من المواقف التي يتبناها الاتحاد الأوروبى، إضافة إلى أنها دولة مهمة في توجيه سياسة الاتحاد الأوروبى الخارجية، كما تؤثر على توجهات العالم نحو دول المنطقة.
وحول قضية الإخوان المسلمين، وما إذا كانت الزيارة ستشهد التباحث بشأنها قال عبدالفتاح إنه من الطبيعى أن يكون ملف الإخوان المسلمين، أحد الملفات المطروحة للنقاش خلال الزيارة، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تطلب مصر خلال الزيارة تسليم بعض رموز الإخوان المطلوبين على ذمة قضايا جنائية في مصر.
وقال السفير محمد الشاذلى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، معقباً على الزيارة، إن بريطانيا بلد مهم، وعضو دائم في مجلس الأمن، وقوة اقتصادية وصناعية كبيرة، ولها دور فعال في قضايا المنطقة، وذات ثقل سياسى كبير.
وأشار إلى ضرورة توطيد العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبى، وأن يكون هناك تطابق في الرؤى مع بريطانيا، واستنكر أن يكون هناك تضارب في موقف بريطانيا تجاه مصر، واعتبر زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لبريطانيا من أهم الزيارات التي أجراها خلال الفترة الأخيرة.
ومن جهته، وقال الدكتور عمار على حسن، أستاذ علم الاجتماع السياسى، إن زيارة الرئيس إلى لندن زيارة عادية ضمن زياراته المتكررة للخارج التي أضاف عليها طابعاً مختلفاً، عن زيارات الرؤساء السابقين، مشيراً إلى أن تلك الزيارة تمثل تحديا ضد تنظيم الإخوان الذي راهن في السابق على أن السيسى لن يذهب إلى لندن بدعوى أن هناك أمر اعتقال له، وستتم محاكمته في إنجلترا، معتقدين أن القوانين الإنجليزية مختلفة عن كل البلدان التي زارها السيسى من قبل.
ولفت إلى أن زيارة السيسى إلى لندن ستنهى تلك الأساطير التي يتحدث عنها التنظيم الإرهابى، وتثبت أن الدول الغربية تتلاعب بهم، وتوظفهم وتستخدمهم لخدمتها، والآن ينظر الغرب للإخوان باعتبارها ورقة احترقت ولم يعد هناك مجال لاستخدامها، وحان الوقت بالنسبة للغرب لإلقاء هذه الورقة في «سلة القمامة». وأوضح «عمار» أن الغرب يتعامل مع دول المنطقة، بما فيها مصر، وفقاً لمصالحه، ومن ثم وجد أن مصلحته في مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة تتطلب فتح حوار مع مصر ورئيسها، مشدداً على أن زيارة لندن ستخفت أصوات الإخوان إلى أمد بعيد، وستجبرهم بحق على إعادة حساباتهم السياسية مرة أخرى، وسيكتشفون أن كلمة الشعب أقوى بكثير من تنظيم أقل ما يوصف به أنه إرهابى.
المصدر: وكالات