الطبيعة تأن تحت وطأة التغيرات المناخية والإنسان يدفع ثمنا فادحا لعبثه بها ، ورغم محاولات دول العالم الطموحة للحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض ، إلا إن التغيرات المناخية التى تحدث فى العالم مازالت تلقى بوطأتها الشديدة ، وعواقبها السيئة على الكثير من الدول ، التى شهدت موجات مفاجئة من ويلات الطبيعية ، تعبيرا عن سخطها واحتجاجها على عبث الإنسان بها وبتوازنها البيئى ، حيث يشكل الإنسان السبب الرئيسى فى ارتفاع درجة الحرارة بنسبة ٩٥ فى المائة من الاسباب الكامنة وراء ارتفاع درجة حرارة الطقس ٠
تداعيات مناخية إن لم يتم تقليلها فإن الضرر سيعود على الانسان على سطح الارض إينما كان ، وتحذيرات مستمرة ودائمة من خطورة التغيرات المناخية كنتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري ، كافية لإثارة الرعب والخوف على مستقبل كوكب الأرض والحياة البشرية عليه .
تغيرات تنوعت ما بين قيظ وحر شديد ، أعاصير وسيول ، فيضانات وزلازل ، خلفت جميعها خسائر بشرية ومادية ، دون جدوى أو التزام وانصياع لما تضمنه اتفاق باريس المناخى التاريخى الذى وقعت عليه دول العالم فى ديسمبر الماضى ، وانشقت عنه الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا ٠
ففى صيف هذا العام شهدت مصر ودولا كثيرة سلسلة متتالية فى الارتفاعات القياسية وغير المسبوقة فى درجات الحرارة ، فاق ماسجله العقد الأول من القرن الواحد والعشرين (2001 – 2010) ، والذى تم اعتباره الأكثر ارتفاعا في الحرارة منذ عام 1850 ، وتأكدت زيادة معدل الحرارة على سطح الكرة الأرضية ، وتأكد أيضا ارتفاع مستوى المحيطات وتسارع ذوبان الجرف الجليدي ، كوقائع علمية لا ريب فيها ، إذ أن العالم بأسره ترتفع درجة حرارته بشكل أسرع.
وقبل يومين ، رصد قمر اصطناعي امريكى انفصال واحد من أكبر جبال الجليد في التاريخ عن القارة القطبية الجنوبية التى تعد أبرد نقطة على سطح الأرض ، جبل قدرت مساحتة بحوالى 6 آلاف كيلومتر مربع ، ووزنه تريليون طن تقريبا ، انفصال توقعه العلماء منذ أكثر من عشر سنوات ، حيث كانوا يتابعون تطور حدوث شرخ كبير في الجليد الذي يكسو الجرف الجليدى “لارسن سى ” ، مع تزايد عمقه بشكل متسارع قبل ٣ أعوام ، مما رجح احتمالية انفصال هذا الجبل الجليدى ، الذي يبلغ سمكه اكثر من 200 متر ، و حجمه ٤ أضعاف حجم العاصمة البريطانية لندن .
وعلى مدى الفترة الماضية ، شهدت أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة اضطرابات مناخية ، من بينها ارتفاع ملحوظ فى درجات الحرارة على طول الساحل الشرقى الأمريكى ، وأعاصير وفيضانات فى الجنوب ووسط الغرب الأمريكى ، وفى اليابان حدث أسوأ موجه فيضانات تشهدها البلاد منذ عقود ، إذ فاض ١٢ نهرا دفعة واحدة ، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية التى اشارت إلى أن أسوأ موجات الجفاف والفيضانات لا تزال آتية وهو ما يعتبر مؤشرا مقلقا لوكالات الإغاثة الإنسانى ٠
ووفقا لما رصده باحثو مركز هلمهولتس لأبحاث المحيطات ، وباحثون في جامعة جونز هوبكينز الأمريكية في بالتيمور ، فإن هناك تحولا متسارعا في المحيط المتجمد الشمالى ، يمهد لتحوله من محيط يغطيه الجليد طوال العام إلى محيط تخلو مساحات واسعة منه من الجليد في الصيف ، متوقعين في دراستهم التي نشرت في مجلة “ساينتفيك ريبورتس ” ، أن يحدث ذلك خلال عقود قليلة.
والتغيرات المناخية فى القطب الشمالى لاتهم دول هذه المنطقة لوحدها ، بل تهم كل العالم الموجود على هذا الكوكب ، نظرا لانه يمثل ” ثلاجة العالم ” ، التى تحافظ على برودة كوكب الارض ، وحرق الوقود الأحفورى الذى يؤدى الى ذوبان الجليد يشبه ترك باب الثلاجة العالمية مفتوحا ، وهناك خطر آخر يهدد هذا القطب وينذر بذوبان الجليد وهو إطلاق غاز الدفيئة القوي جدا “غاز الميثان ” ، الذى يفوق تأثيره الاحترارى على المدى القصير بعدة مرات تأثير غاز ثانى أكسيد الكربون ، إلى جانب وجود رواسب الميثان داخل الدائرة القطبية الشمالية، في مكان ما داخل الثلج أو الجليد .
ومن جهتها ، أثبتت الدراسات العلمية أن التغيرات المناخية التى تحدث فى العالم تترك تأثيرا بالغا على الثروة النباتية ، وتؤدى إلى هجرة الطيور فى وقت مبكر سنويا نتيجة الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة حول العالم ، وأكد العلماء أن التغيرات المناخية سوف تؤثر سلبا على العديد من أنواع الحيوانات والطيور والزواحف ، خاصة المهددة بالانقراض ، وكذلك على الشعاب المرجانية التى توجد فى المحيطات.
المصدر : أ ش أ