حذرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية في افتتاحيتها المنشورة على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس، من أن الاتفاق النووي لن يجعل من إيران حليفاً للغرب، مؤكدة على أن هناك دلائل على تدخل إيران في منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن توقيع إيران على هذا الاتفاق لن يكبح جماح سلوكها على الساحة العالمية؛ إذ تستغل طهران الاضطرابات لتعزيز طموحاتها في الهيمنة على الشرق الأوسط.
وتشير الصحيفة إلى أنه مع حلول الموعد النهائي المحدد في 15 أكتوبر للانتهاء من الاعتماد الرسمي للاتفاق النووي الإيراني، فإن التصديق على هذا الاتفاق الدولي، الذي تم التوصل إليه في صيف هذا العام، بات أمراً وشيكاً من قبل المجالس التشريعية الإيرانية المختلفة، لاسيما بعد تمرير التصويت في البرلمان الإيراني وفحص الاتفاق من قبل مجلس صيانة الدستور الإيراني، وهو هيئة قوية غير منتخبة ونصف أعضاؤها من رجال الدين الذين يتم تعيينهم مباشرة من قبل المرشد الأعلى الإيراني. وفي الوقت نفسه، يقترح البعض أنه ربما يُترك للرئيس الأمريكي باراك أوباما التوقيع على هذه الوثيقة بنفسه.
تقول إندبندنت: “على الرغم من افتراض أن الإيرانيين سيقومون بالتوقيع على هذا الاتفاق في نهاية المطاف، فإنه ثمة مؤشرات مثيرة للقلق في الأيام الأخيرة من شأنها أن تقترح بقوة أن مثل هذا الاتفاق لن يحقق أدنى اختلاف في كبح جماح سلوك إيران على الساحة العالمية، والأدهى من ذلك أن الانطباع الوحيد الذي يتركه هو أن ضعف الغرب أدى إلى تقوية شوكة إيران”.
وتوضح الصحيفة أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع، قام الجيش الإيراني بإجراء تجارب للصواريخ البالستية بعيدة المدى، الأمر الذي يُعد انتهاكاً مباشراً لقرار مجلس الأمن الدولي للعام 2010 الذي يحظر مثل هذه الأنشطة، وقد اعترف المتحدثون باسم البيت الأبيض أن تجربة إطلاق هذه الصواريخ لا تخترق القانون الدولي، ومن أجل حرصهم على تجنب أن يتعرض إرث أوباما بصفقة إيران إلى الخطر، فقد جادل هؤلاء المتحدثون بأن أنشطة الصواريخ البالستية ليس لها أي تأثير على الاتفاق النووي الإيراني.
وبرأي الصحيفة، يُعد ذلك أمراً غريباً؛ إذ أن الاتفاق النووي يفرض بوضوح قيوداً على أنشطة إيران الصاروخية على مدى 8 سنوات مقبلة، وإلى جانب ذلك، وبغض النظر عن الشروط التي ينطوي عليها هذا الاتفاق، ينبغي أن يكون الأمر واضحاً بالنسبة إلى الجميع أن إجراء إيران تجارب للصواريخ بعيدة المدى القادرة على حمل ذلك النوع من الرؤوس النووية – على عكس إصرارها أنها لا تسعى إلى ذلك – لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع روح المصالحة بين طهران والغرب.
وتقول إندبندنت: “الواقع أن جميع الأدلة المتوافرة على التدخل الإيراني والأنشطة المتزايدة التي تقف وراءها إيران في كل أنحاء الشرق الأوسط، لا تعكس أن إيران تعمل على مواءمة نفسها مع مصالح الغرب، لاسيما أنه لا يوجد ما هو أوضح من الدعم الإيراني المستمر لبشار الأسد”.
وتضيف الصحيفة أنه في الوقت نفسه الذي يكثف فيه بوتين التواجد الروسي في سوريا، فإن النشاط الإيراني في سوريا أصبح أكثر وضوحاً وعدوانية من أي وقت مضى، فعلى سبيل المثال نجحت الميليشيات الإيرانية يوم الجمعة الماضي في تنفيذ هجوم شمال مدينة حلب، حيث تم قتل العميد حسن الهمداني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، ومنذ ذلك الوقت فقدت إيران اثنين من قادة الحرس الثوري في سوريا.
وتلفت إندبندنت إلى أن مثل هذه الحوادث تشير إلى أن إيران تسعى بقوة إلى تكثيف تدخلها في سوريا، حيث يتم حالياً تحريك الآلاف من القوات الإيرانية لدعم نظام بشار الأسد، وعلى الأرجح يمكن إدراك أن مثل هذا التحرك يمكن أن يكون جزءاً من التحضير لهجوم ضخم في غرب البلاد.
وترى الصحيفة أن الأحداث في سوريا تصرف الأنظار بعيداً عن أنشطة إيران في أماكن أخرى بالمنطقة، فعلى سبيل المثال تم القبض، مؤخراً، على إيرانيين يقومون بتوريد أسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، وهو ما نفته إيران منذ فترة طويلة، وعلاوة على ذلك، تشير التقارير إلى سيطرة إيران على القوى العظمى من الميليشيات الشيعية في العراق، الذين يسيطرون في الوقت الراهن على معظم البلاد، وعلى الرغم من ترحيب قادة الغرب بمثل هذه الأنشطة للمساعدة على إضعاف تنظيم داعش الإرهابي، فإنه يجب الالتفات إلى مدى تطرف هذه الميليشيات المدعومة من إيران.
وتختتم إندبندنت: “إن النظر والتمعن فيما هو قائم بالفعل في منطقة الشرق الأوسط المضطربة بصورة لا نهائية، يعكس إشارات التدخل الإيراني في كل أنحاء المنطقة؛ إذ تستغل طهران الاضطرابات لتعزيز طموحاتها في الهيمنة، وهي تفعل الشيء نفسه في ظل الفراغ الذي يتركه تراجع أوباما في المشهد العالمي، وعلى الرغم مما يبدو عليه الأمر بشأن ترحيب الإيرانيين بالاتفاق النووي، فإن سلوك إيران الفعلي يقترح أن النظام الإيراني لا يزال بعيداً جداً عن كونه قوة صديقة أو حميدة في العالم”.