كتبت “إندبندنت” أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيغادر منصبه يوم 20 يناير وقد خلف وراءه شعبية تقارب ما تركه الرئيس السابق بيل كلينتون قبل 16 عاما. ومع ذلك هناك العديد ممن اعتبر فترة رئاسته خيبة أمل مريرة ما لم تكن فشلا فعليا. وسيعمد خليفته المقبل، الذي هو على العكس منه تماما في نواح كثيرة، إلى تمزيق إرثه.
وأشارت كاتبة المقال ماري ديجيفسكي إلى أن هذا الأمر جزء من لعبة الشد والجذب في السياسة الأميركية، وانتقدت أحكاما مبكرة صدرت ضد أوباما بأن بعض نفس السياسات التي يواجه بسببها أعنف هجوم يمكن أن يتبين أنها إنجازات تاريخية سوف تشكل ذكرى ثمينة. وحجر الزاوية في هذه الذكرى قد يكون سلبية السياسة الخارجية المفترضة التي كان أوباما كثيرا ما يذم بسببها.
والتمست الكاتبة بعض العذر لتشوش سجل سياسته الخارجية وقلة مردود انفتاحه الكبير على العالم العربي، بأن السبب في ذلك يرجع عموما إلى عوامل خارجة عن إرادته أو إرادة أي شخص آخر، مثل الربيع العربي.
واعتبرت إخفاقات أوباما الحقيقية كانت في الزيادة المبكرة للقوات الأميركية التي أخرت الانسحاب المقرر من أفغانستان، والفوضى التي نجمت عن التدخل الأميركي في ليبيا رغما عن رأيه المخالف لذلك.
ومع ذلك رأت ديجيفسكي أن هناك نجاحات لأوباما تفوق تلك الإخفاقات، بالرغم من أن العديد من الأميركيين لا يعتبرونها كذلك، وفي مقدمتها قراره بعدم المضي في تنفيذ “خطه الأحمر” بشأن استخدام حكومة الأسد الأسلحة الكيميائية في سوريا، الذي وفقا لمنتقديه كان رسالة بأن الولايات المتحدة لن تحترم التزاماتها وتركت فراغا إقليميا تمكنت روسيا من ملئه.
وفسرت الأمر كما أوضحه أوباما نفسه في مقابلات صحفية بأنه خشي الوقوع في شرك تدخل طائش يورط بلاده في حرب خاسرة أخرى. وقالت إنه كان محقا في ذلك، وكان محقا أيضا في تراجعه عن التدخل المباشر في أوكرانيا، وتعامله معها على أنها قوة وصراع إقليمي وهو ما يساعد في الحفاظ على جغرافيتها.
وأشارت ديجيفسكي إلى قضايا أخرى أظهر فيها أوباما نهجا أكثر شمولية من سياسة واشنطن المعتادة كما في الاتفاق النووي الإيراني ودعم واشنطن لاتفاق باريس بشأن تغير المناخ والامتناع في تصويت مجلس الأمن الأخير عن إدانة المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالإضافة لذلك فإن استعداده للانضمام للتحالفات الدولية يظهر تقديرا واقعيا للعالم الجديد الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه.
وختمت بالإشارة إلى أن هناك احتراما متزايدا لأوباما وهو يغادر منصبه يوحي بنتيجتين غير مؤكدتين: الأولى أنه سيتم الحكم عليه في المستقبل بطريقة أكثر لطفا مما هي الآن. والثانية أن انتخاب نقيضه، بتعهداته لعكس المسار، يمثل الرمق الأخير لعصر قديم وليس بداية شيء جديد.
المصدر: وكالات