صدر عن مكتبة الإسكندرية العدد الـ 24 من مجلة “ذاكرة مصر”، المجلة الربع سنوية الصادرة عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وهي مجلة ثقافية تعني بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، تستكتب شباب الباحثين والمؤرخين وتعرض وجهات نظر مختلفة ومتنوعة.
وقال الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية ورئيس تحرير المجلة – في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء – إن هذا العدد يعيد اكتشاف مصر وتراثها من خلال موضوع الخيول العربية، وهو لا يهتم باستعادة التراث فقط بل إن هذا التراث يمكن أن يكون رافدا من روافد الاقتصاد الوطني.
وأضاف:” نجول في هذا العدد الجديد بين صعيد مصر في جامعة أسيوط العريقة، ومدينة تنيس التي أعاد علماء الآثار المصريين اكتشافها من جديد، وبها كانت أعظم مراكز صناعة النسيج في العصور الإسلامية، حيث صنعت فيها كسوة الكعبة لقرون، وهنا أيضًا نستدعي سيرة شاعر عظيم هو يونس القاضي”.
وفي مقال بعنوان ” بيت الكريدلية..متحف حي لفنون العالم الإسلامي يعيد ذكريات ألف ليلة وليلة”، يتناول الدكتور خالد عزب متحف بيت الكريدلية المكون من منزلين أحدهما أنشأه الحاج محمد بن سالم الجزار عام (1041هـ/ 1631م) ، وقد عرف هذا المنزل باسم بيت الكريدلية نسبة إلى آخر من سكنه؛ وهي سيدة ينتهي أصلها إلى عائلة من جزيرة كريت، فأطلق العامة من أهل الحي هذا الاسم؛ وهو اللفظ الدارج للكلمة “كريتلية”، أما المنزل الآخر فقد أنشأه عبد القادر الحداد عام (947هـ/ 1540م) وأطلق على هذا المنزل فيما بعد منزل آمنة بنت سالم، نسبة إلى آخر من امتلكه، واتصل البيتان فيما بعد بقنطرة تعرف بالساباط، واصطلح على تسميتهما بمتحف بيت الكريدلية.
ويضم العدد موضوع بعنوان “تنيس..الاسم والتاريخ والحفائر”، لطارق إبراهيم حسيني، و”تنيس” جزيرة وسط الماء في بر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط.
وقد لعبت تنيس دورًا حضاريًّا كبيرًا في تاريخ مصر الإسلامية، بما حفلت به من استيطان بشري كبير أدى إلى ازدهار مختلف أنواع التجارة والصناعات، كما نبغ فيها كثير من أهل العلم؛ فكانت عاصمة الإقليم الرابع، وكانت ثغرًا هاما ومقرا للأسطول وبها دار صناعة السفن، كما كانت مركزا هاما من أهم مراكز صناعة النسيج الراقي الرفيع، وبها كانت كسوة الكعبة المشرفة تصنع قرونًا طويلة؛ لذلك كان معظم أهلها يشتغلون بصناعة النسيج والحياكة ، ويمتهنون صيد الأسماك والطيور.
ويتناول الدكتور ضياء جاد الكريم في هذا العدد تجارة مصر المحروسة في القرن التاسع عشر، ويبين أن محمد علي باشا طبق نظام الاحتكار على التجارة كما طبقه على الزراعة والصناعة؛ فكان يفرض على الفلاحين بيع محاصيلهم للحكومة ويحرمهم من بيعها للتجار، وبذلك أصبحت التجارة في يد الحكومة، أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فقد أدى احتكار الحكومة للمحاصيل الزراعية وبعض السلع الواردة كتجارات العاج والبن وريش النعام والصمغ العربي، وكذلك المنتجات الصناعية وتقييد التجارة الداخلية، كل ذلك أدى إلى تحكمها في التجارة الخارجية.
ويعرض الدكتور مجدي عبد الجواد علوان مقتطفات من تاريخ جامعة أسيوط داخل العدد، ويؤكد أن الجامعة ظلت أملاً يتطلع إليه أبناء الصعيد، وفي أواخر عام 1955م حرصت الحكومة على استكمال مشروع جامعة أسيوط واستمرت في إيفاد البعثات العلمية ووضعت مشروع الجامعة موضع التنفيذ، واستهدفت الدراسات المستفيضة التي سبقت بدء الدراسة بالجامعة تحديد احتياجات إقليم الصعيد والوقوف على مدى توافر الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة للجامعة، وتقرر أن تبدأ الجامعة بكليتي العلوم والهندسة، ثم أنشئت بعد ذلك بقية الكليات تباعًا.
وتتناول الدكتورة إيمان مهران سيرة وحياة يونس القاضي؛ مؤلف النشيد الوطني المصري، وكان الشيخ يونس القاضي في شبابه واحدًا من الذين تربوا في مدرسة الزعيم مصطفى كامل، وقد تعرف عليه عام 1905م حين كتب مقالة هاجم فيها الإنجليز وذهب بها إلى جريدة اللواء، وقد أسس الشيخ يونس القاضي جمعيات وطنية داخل الأزهر إلى أن اشترك في ثورة الأزهر ضد الخديوي عباس حلمي، وتنوع إنتاج يونس القاضي من أغنية وزجل صحفي ومسرحية وغيرها، وكانت طريقته في صياغة مفاهيمه وأهدافه الوطنية بسيطة وسهلة في تداولها، فكانت سببًا في انتشار إنتاجه، وفي الوقت نفسه سببًا لمشكلات عديدة، ليتنوع من الكتب السياسية، والمسرح السياسي، والأغنية الوطنية.
ويتضمن هذا العدد من المجلة ملف خاص عن الخيول العربية، فكتبت الدكتورة شيرين عبد الحليم القباني عن “الخيل في عصر المماليك”، فقد عاشت مصر في عصر دولة المماليك عصرًا من أزهى عصورها التاريخية والحضارية، بلغ فيه الاهتمام بالخيل والفروسية مداه، وقد انعكس ذلك على العناية التي أولاها المماليك للخيل، وقَسّموا الخيل إلى نوعين: عتيق وهو المسمى فرسًا، وهجين وهو المسمى برذونًا، وعُرف عن سلاطين المماليك فروسيتهم وولعهم بالخيل، ومن أشهرهم الظاهر بيبرس.
وتضم المجلة العديد من الموضوعات التي تتناول أوجه مختلفة من تراث مصر المعاصر؛ ومنها: “رحلة السفينة مباحث لاستكشاف البحر الأحمر” للدكتور محمد همام فكري، و”النشيد القومي المصري” لنبيل بهجت، و”فن الأفيش في السينما المصرية” لسامح فتحي، وعرض لكتاب “القاهرة: خططها وتطورها العمراني” وهو تأليف الدكتور أيمن فؤاد السيد ويقدم العرض الدكتور خالد عزب.
يذكر أن الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية قرر رفع الكمية المطبوعة إلى الضعف بناء على طلب موزعي المجلة، خاصة النسخ التي تباع مدعمة من المجلة، مع تثبيت سعرها بهدف تدعيم معرفة الأجيال الجديدة للتاريخ الوطني.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط