لا تزال عقبات كثيرة تواجه اليابان لإنجاح دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو -أكبر حدث رياضي عالمي- قبل ساعات من حفل الافتتاح. فبالرغم من الإجراءات الصحية المشددة التي فرضتها السلطات اليابانية جراء تواصل انتشار فيروس كورونا، إلا أنه تم تسجيل 4 إصابات لحد الآن بين المشاركين وسط تنامي المعارضة الشعبية لإقامتها هذا الصيف. مشاكل الأولمبياد لم تنحصر في التداعيات الصحية لكوفيد-19 بل شملت أيضا مصاريف تأخر تنظيمها إضافة إلى انعكاسات اقتصادية وتجارية فضلا عن فضائح واستقالات داخل اللجنة المنظمة.
بعد تأجيلها العام الماضي، لم يكن طريق الوصول إلى تنظيم الألعاب الأولمبية بطوكيو في موعدها الجديد سالكا بل كانت ولا تزال مليئة بالمطبات لعل أبرزها جائحة فيروس كورونا التي ستجعل المنافسات تدور في أجواء باهتة في ظل غياب الجماهير.
وكان رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ أقر بـ”شكوك” بسبب التحضيرات المضطربة لاستضافة أولمبياد طوكيو.
وقال باخ خلال اجتماع للجنة الأولمبية الدولية في العاصمة اليابانية قبل أيام معدودة من افتتاح الألعاب، إن القرار غير المسبوق بتأجيل الألعاب من صيف 2020 أثبت أنه أكثر تعقيدا مما كان يُعتقد.
اليابان كانت تريد أن تجعل من هذه الألعاب رمزا لمواجهة العالم لفيروس كورونا وحاولت إلى آخر لحظة إقامة منافسات الأولمبياد بحضور جماهيري في حده الأدنى لكن هذه الآمال منيت بانتكاسة بسبب انتشار متحورة “دلتا” ليستسلم المنظمون في النهاية إلى إقامة معظم منافسات الدورة في “جو صامت وكئيب”.
للاستعاضة عن غياب الجماهير، أنشأت شركة “أو بي إس” “خدمات البث الأولمبية”تسجيلات صوتية من ضوضاء الجماهير في الألعاب السابقة لتتكيف مع كل رياضة، وسيتم بثها في أماكن المنافسات.
وسيتمكن الرياضيون أيضا من تلقي التشجيع من خلال شاشات عرض لمشاهد فيديو “سيلفي” مرسلة من كل أنحاء العالم، والتواصل عن طريق الفيديو مع أحبائهم بمجرد انتهاء مسابقاتهم.
تأجيل الألعاب لسنة كلف اليابان لوحدها مصاريف إضافية وصلت إلى 2.6 ملياري دولار إضافة إلى مصاريف إنشاء البنية التحتية الرياضية وتهيئة المدارج التي ستبقى فارغة في الأخير.
وأظهر استطلاع للرأي في صحيفة “أساهي شيمبون” أن 55 بالمئة من اليابانيين من الذين شاركوا فيه، يعارضون إقامة الألعاب هذا الصيف. وشهدت طوكيو في الفترة الأخيرة احتجاجات مناوئة للألعاب.
وكانت صحيفة “أساهي”، وهي شريك رسمي للأولمبياد، دعت في مايو الماضي إلى إلغاء الحدث ووصفته بأنه “يشكل خطرا على الصحة”.
وزاد ثبوت إصابة أربعة رياضيين في القرية الأولمبية حتى الآن من المخاوف من أن تدفق الآلاف من الرياضيين والمسؤولين ووسائل الإعلام سيزيد من ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس في اليابان.
كما أن انتشارا واسعا لفيروس كورونا وسط الرياضيين الأولمبيين قد يهدد المسابقات إذ أن إصابة أي رياضي بالوباء تبعده آليا من المنافسة على الميداليات.
وقررت غينيا التي كان من المقرر أن ترسل وفدا صغيرا من خمسة رياضيين إلى أولمبياد طوكيو، إلغاء مشاركتها ”حرصا منها على الحفاظ على صحة الرياضيين الغينيين” في إشارة لجائحة فيروس كورونا. لكن مصدرا مقربا من الحكومة أكد أن السبب الرئيسي للانسحاب هو المشاكل المالية لهذه الدولة الفقيرة غرب أفريقيا.
وباتت غينيا ثاني دولة تعلن انسحابها من الألعاب الأولمبية بعد كوريا الشمالية التي كانت أعلنت في نيسان/أبريل الماضي أنها لن تشارك في أولمبياد طوكيو “لحماية” رياضييها من أي مخاطر مرتبطة بوباء فيروس كورونا.
ودافع المسؤولون الأولمبيون واليابانيون بقوة عن الألعاب التي تقام في “فقاعة” صحية صارمة مع اختبارات يومية، فيما تلقى اللقاح المضاد للفيروس قرابة 8 بالمئة من الرياضيين المشاركين في الألعاب.
ولتجنب ارتفاع عدد الاصابات، فرض المنظمون حظرا على المعانقة أو المصافحة خلال الاحتفالات بتحقيق النصر.
من جانبها، تبدي الجهات اليابانية الراعية لأولمبياد طوكيو حذرا في التعامل مع أكبر حدث رياضي بدءا بافتتاحه، في مواجهة حدث أصبح “ضارا” لصورتها في البلاد بسبب كوفيد-19.
وقال جول بويكوف، الأكاديمي الأمريكي المتخصص في الرياضة والسياسة لوكالة الأنباء الفرنسية “تحولت الألعاب الأولمبية إلى حدث ضار في طوكيو حيث لا تحظى بدعم كبير من الرأي العام”.
ويردف بويكوف بأنه بالنسبة إلى الجهات اليابانية الراعية “أصبح الارتباط بحدث لا يحظى بشعبية محفوفا بالأخطار من حيث صورة علامتها التجارية، وهذا غير مسبوق في التاريخ السياسي للألعاب الأولمبية”.
وأعلنت شركة تويوتا العملاقة المصنعة للسيارات الإثنين أن مسؤوليها لن يحضروا افتتاح الأولمبياد المقرر الجمعة.
وبهذه الخطوة، تريد تويوتا أن تكون إلى جانب الجمهور المستبعد من الافتتاح كما هي الحال في كل المسابقات الأولمبية تقريبا بسبب فيروس كورونا.
خطوة تويوتا شجعت شركات راعية يابانية أخرى على القيام بنفس الخطوة. وعلى سبيل المثال، لن يحضر رئيسا شركتي باناسونيك وبريدجستون حفل الافتتاح، ولا رؤساء مجموعتي إن إي سي وفوجيتسو، وفق ما أفاد ناطقون باسم هاتين الشركتين.
وقدمت 60 جهة راعية يابانية أخرى 3,3 مليارات دولار، وهو مبلغ قياسي لأولمبياد.
وحتى في حال إيفائها بالتزاماتها المالية، أصيبت كل الجهات الراعية بإحراج شديد بسبب تأجيل الأولمبياد عام 2020 جراء الوباء، ثم معارضة غالبية الشعب الياباني الإبقاء على الحدث هذا الصيف.
وأوضح المحامي المتخصص في القطاع الرياضي تايسوكي ماتسوموتو في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية “فقد أولمبياد طوكيو سمعته الجيدة. لذلك، تفضل الجهات اليابانية الراعية القول إنها لن تستفيد من حقوقها المرتبطة بالحدث على أن تمارسها”.
ويضيف ماتسوموتو يضر غياب المتفرجين بالأساس بالشركات اليابانية الصغيرة التي كانت ترغب في تقديم بطاقات حضور لزبائنها وشركائها، وهي أداة عادة ما تكون “فعالة جدا” للعلاقات العامة في اليابان.
المصدر: وكالات