كشفت شبكة (سي إن إن) الأمريكية أنه مع تصاعد الصراع العسكري الإسرائيلي منذ أكثر من عام، بدأت تداعيات الحرب تلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الإسرائيلي.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن الحرب أدت إلى أزمة اقتصادية عميقة، وعلى الرغم من تأكيد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قوة الاقتصاد الإسرائيلي، لكن المعطيات تشير إلى واقع أكثر تعقيدًا، حيث يسجل الاقتصاد تدهورًا غير مسبوق في مجالات حيوية.
ففي 28 سبتمبر، وخلال تصعيد الصراع الذي شهد اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في بيروت، أكد سموتريتش أن اقتصاد إسرائيل يتعرض لضغوطات كبيرة لكنه قادر على الصمود.
ورغم هذا التفاؤل، تشير الإحصاءات إلى أن آثار الحرب تتجلى بشكل متزايد في تدهور النشاط الاقتصادي والنمو.
وأوضحت “سي إن إن” أن الأزمة الاقتصادية تتفاقم حيث يتوقع الاقتصاديون تراجع النمو إلى ما بين 1% و1.9% هذا العام، مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي السابقة التي كانت تشير إلى 3.4%. حتى في أحسن السيناريوهات، يُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسرائيل، مما يعكس التحديات المتزايدة التي تواجهها البلاد.
وقد أثر توسيع رقعة الحرب على قطاعات مختلفة، حيث تعاني العديد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك الزراعة والبناء والسياحة، من آثار الحرب. وتوقفت تصاريح العمل للفلسطينيين منذ أكتوبر من العام الماضي، مما أدى إلى نقص حاد في اليد العاملة وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وأما السياحة، التي تعتبر أحد مصادر الدخل الرئيسية، شهدت انخفاضًا كبيرًا، مع تقديرات تفيد بأن إسرائيل خسرت حوالي 18.7 مليار شيكل (4.9 مليار دولار) منذ بدء الحرب.
ومع تزايد العجز في الميزانية الذي تضاعف إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع تكاليف الاقتراض، تواجه إسرائيل تحديات اقتصادية جسيمة حيث تتراجع الاستثمارات في ظل عدم اليقين، حيث تتوقع شركات تحليل سوقية إسرائيلية إغلاق نحو 60,000 شركة هذا العام في إسرائيل.
وتعتبر الاستثمارات الأجنبية أحد الأعمدة الأساسية للنمو الاقتصادي، لكن الوضع الحالي يشير إلى تراجع حاد في تدفق الاستثمارات إلى إسرائيل. فالكثير من الشركات العالمية تتردد في الاستثمار في بيئة غير مستقرة، مما قد يؤدي إلى هروب العقول والمواهب، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا الذي يعد ركيزة الاقتصاد الإسرائيلي. وتخوفات رواد الأعمال من تصاعد الصراع تدفعهم إلى البحث عن خيارات أكثر أمانًا، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي في البلاد.
أما عن تحديات الميزانية الحكومية، فإن التأثيرات السلبية للصراع باتت واضحة، حيث ارتفع العجز إلى مستويات غير مسبوقة. وتواجه الحكومة ضغوطًا متزايدة لتخصيص المزيد من الموارد للأمن، بينما تقلص النفقات على القطاعات الأخرى مثل التعليم والصحة. وهذا التوجه قد يؤدي إلى تدهور نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، مما يزيد من عدم الرضا الاجتماعي ويؤجج التوترات الداخلية، ويجعل الحكومة في موقف ضعيف أمام المطالب الشعبية المتزايدة.
وتسود أجواء من عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، مما يؤثر على ثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء. وإذا لم تتخذ الحكومة خطوات واضحة لإعادة بناء الثقة من خلال سياسات شفافة وفعالة، فإن الوضع قد يتفاقم بشكل أكبر.
ويعكف العديد من الخبراء على المطالبة بإصلاحات شاملة تهدف إلى تحفيز النمو وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مثل تحسين المناخ الاستثماري وتخفيف حدة التوترات الأمنية. وإن تجاهل هذه الدعوات قد يعني مزيدًا من التدهور الاقتصادي والأزمات الاجتماعية في المستقبل -على حد قول سي إن إن.
وبينما يتحدث المسؤولون عن قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على الصمود، يبدو أن الواقع يعكس صورة مختلفة تمامًا. فالأضرار الاقتصادية الناتجة عن النزاع لا تقتصر فقط على الأرقام، بل تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وتوازناتهم الاقتصادية. وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن إسرائيل قد تواجه أزمة اقتصادية عميقة قد تستمر لعقود، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه التحديات.
المصدر: أ ش أ