تعيش إسرائيل أزمة سياسية عنيفة توصف بأنها الأسوا في تاريخها في ظل فشل الأحزاب والتكتلات السياسية على التوافق على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة ، وقد زاد من تفاقم الأزمة الحالية توجيه الاتهام رسميا لرئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو المنتهية ولايته بالفساد وتلقيه الرشاوى فيما يصر الأخير على براءته ويرفض هذه الاتهامات بشكل قاطع كما يتمسك بالبقاء في منصبه لحين تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي مواجهة المأزق السياسي الحالي ونتيجة فشل المرشحين المكلفين بتشكيل الحكومة الجديدة ، اضطرالرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لتكليف الكنيست بتشكيل الحكومة في خطوة غير معهودة في تاريخ الحياة السياسية الإسرائيلية.
فلأول مرة في تاريخ إسرائيل كما جاء في بيان صادر عن مكتب ريفلين، لم يتمكن أي مرشح من تشكيل حكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت منتصف سبتمبر الماضي وهي ثاني انتخابات في أقل من عام بعد الانتخابات التي جرت في شهر أبريل الماضي لكن تم حل البرلمان بسبب عدم وجود أغلبية.
وكان زعيم تحالف “أزرق أبيض” بيني جانتس قد أعلن فشله في تشكيل الحكومة الجديدة مثلما حدث مع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي فشل هو أيضا في تشكيل الحكومة من قبل.
ووفقا للقانون الإسرائيلي فإن أمام رئيس الكنيست يولي أدلشتاين مهلة 21 يوما لاختيار أحد النواب لتكليفه بتشكيل الحكومة وسيكون على هذا النائب الحصول على تأييد 61 نائبا من أصل 120 نائبًا هم عدد أعضاء الكنيست ، وفي حال لم يتمكن أي نائب من حصد هذا الدعم فسيتم حل الكنيست والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة للمرة الثالثة.
ورغم فشلهما في تشكيل الحكومة من قبل فإنه من الممكن أن يكلف رئيس الكنيست نتنياهو أو جانتس مرة أخرى بتشكيل الحكومة الأمر الذي سيفتح الباب أمام تجاذبات واستقطابات سياسية جديدة ، قد تبقي الأزمة على حالها.
لكن المراقبين السياسيين يرون أن تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة مرة أخرى يبدو احتمالا مستبعدا في الوقت الحالي خصوصا بعد توجيه الاتهام له رسميا من جانب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت في ثلاث قضايا فساد تتعلق بتلقي الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال ، إذ أن هذا القرار من شأنه أن يجعل من الصعب على نتنياهو حشد تأييد العدد اللازم من نواب الكنيست لتشكيل الحكومة.
وفي ظل فشل زعيم حزب “أزرق أبيض” أيضا في تشكيل الحكومة فإن المراقبين يتوقعون أن يكون الذهاب لانتخابات تشريعية جديدة كمخرج أخير من الأزمة السياسية الحالية التي تعصف بإسرائيل ، ربما يكون السيناريو الأرجح.
وإذا ما حدث هذا السيناريو فستكون هذه هي ثالث انتخابات برلمانية تشهدها إسرائيل خلال أقل من عام في حدث سياسي غير مسبوق ليس فقط في إسرائيل وإنما في العالم ، لكن يبقى السؤال حول ما إذا كانت الانتخابات الجديدة ستسفر عن نتائج مغايرة عن الانتخابات السابقة بحيث تفتح الطريق لتشكيل الحكومة الجديدة أم أنها قد تبقي الأوضاع على حالها ؟.
وكانت إسرائيل قد شهدت انتخابات تشريعية في شهر أبريل الماضي لم تسفر عن فوز حاسم أو أغلبية مريحة لأي من الأحزاب الكبرى وعلى أثر فشل زعيم الليكود نتنياهو في تشكيل حكومة ائتلافية خلال المهلة المحددة له ، تقرر الذهاب إلى انتخابات جديدة في شهر سبتمبر الماضي وهي الانتخابات التي أبقت الأزمة على حالها ، حيث لم تسفر عن نتائج مختلفة عما أسفرت عنه انتخابات إبريل.
ففي الانتخابات الأخيرة حصد حزب “أزرق أبيض” بزعامة جانتس على 33 مقعداً فيما حل حزب الليكود ثانيا بـ31 مقعداً ثم “القائمة المشتركة” 13 مقعداً مقابل 9 مقاعد لحزب “شاس” و8 لكل من “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان، و”يهدوت هتوراه”.
يذكر أن إسرائيل منذ نحو عام تقريبا على وقع أزمة سياسية ، تفجّرت عقب استقالة أفيجدور ليبرمان من منصبه كوزير للدفاع وهي الاستقالة التي أدت لانهيار حكومة بنيامين نتنياهو والذهاب لانتخابات مبكرة مرتين.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ)