في تحقيق ميداني مدعم بشهادات موثقة، قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن مسؤولين استخباراتيين باتوا مقتنعين بأن الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي يتنقل في منطقة تمتد على طول قوس ضيق في شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا.
وكتب مارتن تشولوف وسبنسر أكرمان: “من النقطة الأقرب إلى داعش التي يمكنها الوصول إليها، تراقب قوات البشمركة تحركات أعدائها. وفي أكثر الأيام، يعمد مقاتلو داعش إلى إطلاق الرصاص وقذائف الهاون على جبهات البشمركة، على مسافة عشرة أميال من سنجار”.
وعلى بعد عشرة أميال جنوباً، يجتمع دورياً القادة الكبار لداعش في قرى خرسانية رمادية كانت طوال أكثر من عقد المنطقة الأكثر أمناً لتنقل أفراد الجماعات الإرهابية.وبحسب الأكراد الذين يراقبون من الأرض ومسؤولين استخباراتيين يراقبون من مواقع أخرى، يتنقل المطلوب الرقم واحد حول العالم، أبو بكر البغدادي، بين بلدتي الباعج والبليج المجاورتين.
ويقول الصحافيان إن المسؤولين الإستخباراتيين الذين أمضوا السنتين الأخيرتين يحاولون رصد تحركات البغدادي، باتوا مقتنعين بأنه يتنقل في إطار قوس ضيق في شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا، وهي منطقة بقي فيها منذ تنصيب نفسه زعيماً للدولة المزعومة.
وينسب الصحافيان إلى مسؤولين غربيين وأكراد وأعضاء كبار في داعش ومقربين من البغدادي أنه منذ مارس العام الماضي، لم يخرج من الباعج عندما كان يتعافي من جروح خطيرة أصيب بها في غارة لم يعرف بها إلا قلة قليلة من المقربين منه وحتى من أعدائه.
وفي شمال العراق الذي يعتبر المحور الأكثر أهمية في الحرب ضد داعش، يقول مسؤولون استخباراتيون وزعماء من البشمركة إنهم متأكدون أن البغدادي يتحرك في الأسابيع الاخيرة كثيراً حول شمال غرب العراق، وتحديداً قرب الباعج وتلعفر.وقال مسؤول استخباراتي بارز: “إنه يتحرك كثيراً، ذهب أيضاً إلى الموصل”.
وعلى الجبهة جنوب سنجار، قال اللفتنانت كولونيل خالد حمزة إنه متأكد أن البغدادي زار الباعج قبل شهرين “ولدينا معلومات دقيقة من داخل المدينة تفيد أنه كان يزور الوالي”.
وخلال سنتين من الحرب ضد داعش، قتل أكثر من 15 من قادته الكبار في غارات، بينهم النواب السابقون للبغدادي أبو مسلم التركماني وأبو علي الأنباري وعمر الشيشاني وأبو مالك وعدد من الزعماء المحليين في الأنبار ونينوى. والعام الماضي، كان البغدادي على وشك الانضمام إليهم.
وكشفت مقابلات أجرتها طوال العام الماضي صحيفة الجارديان أن مدى الاصابة التي تعرض لها البغدادي في غارة جوية لا يزال أحد الأسرار الكبيرة داخل التنظيم. وحتى أعداءه بدوا مترددين في القول إلى أي مدى كانوا على وشك أن يقتلوه، لأن الغارة على ما يبدو كانت تستهدف شخصاً آخر.
وجمع تحقيق للصحيفة البريطانية معلومات عن تلك الغارة، وعن التعافي البطيء للبغدادي وعودته أخيراً إلى الظهور في أوساط داعش، والجهود المكثفة حالياً لضمان أن تكون الغارة المقبلة محددة وناجحة.
وكشف التحقيق أن البغدادي أصيب قرب بلدة الشرقاط العراقية على نهر دجلة، على مسافة 300 كيومتر شمال بغداد.
واتصلت الصحيفة بثمانية مصادر مطلعة من كثب على إصابات البغدادي.وأوضح هؤلاء أنه عانى جروحاً خطيرة في أسفل ظهره، الأمر الذي جعله عاجزا عن الحركة طوال أشهر قبل أن يدخل مرحلة نقاهة طويلة.
وقالت إنه طوال فترة العلاج، لم يكن يعرف عن وضعه الصحي إلا عدد قليل من أطبائه وممرضاته. وداخل التنظيم نفسه، كانت قلة من الزعماء الكبار على علم بالموضوع. وثمة مقربون منه عرفوه قبل تأسيس التنظيم تركوا يخمنون عن سبب الغياب الطويل لزعيمهم عن التجمعات التي كان يفترض مشاركته فيها.
وكان مسؤول كبير في داعش ومسؤولون عراقيون في بغداد اعتقدوا أن الغارة حصلت قرب الحدود مع سوريا في 18 مارس من العام الماضي، ولكن الغارة حصلت في الشرقاط في الوقت نفسه تقريباً ولكن على مسافة 100 ميل شرقاً.
وأبلغت المعلومات عن إصابات البغدادي عبر شبكة “العيون الخمس” لوكالات الاستخبارات التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وأوستراليا وكندا ونيوزيلندا، إضافة إلى شركاء آخرين في الشرق الأوسط، بينهم الأكراد والعراقيون والسعوديون دول الخليج.
ومع ذلك، لا يزال ثمة انقسام بين الضباط الإستخباراتيين الذين يريدون كشف التفاصيل وصناع السياسة الذين يرفضون ذلك.
المصدر: وكالات