مدد الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو السبت ولـ 72 ساعة وقف اطلاق النار مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا بعد ساعات من التوصل الى اتفاق شراكة تاريخي مع الاتحاد الأوروبي في بروكسل اثار غضب موسكو.
واتخذت أوكرانيا قرار تمديد وقف إطلاق النار بعد مشاورات عاجلة اجراها بوروشنكو مع كبار المسؤولين في وزارة الدفاع فور وصوله الى كييف وبعد مشاركته في قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وفي بروكسل طالب الرئيس الأوكراني بالافراج عن رهائن بينهم مراقبون في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ووقف “تسلل” الأسلحة والمقاتلين.
وأعلن الكسندر بوروداي أحد قادة التمرد الانفصالي المعلن من طرف واحد في دونيتسك أن الانفصاليين موافقون على تمديد الهدنة “للفترة التي عرضها بوروشنكو”.
وكان بوروداي يتحدث بعد مشاورات مع ممثلين لكييف. وقد وعد باطلاق سراح المراقبين المحتجزين منذ 29 مايو فوراً.
وأمهل قادة الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بروكسل روسيا ثلاثة أيام للقيام بأعمال ملموسة من أجل خفض التوتر في شرق أوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة.
وحدد الاتحاد الأوروبي أربعة شروط يتعين تلبيتها حتى منتصف الاثنين المقبل من بينها “بدء مفاوضات جوهرية حول تطبيق خطة السلام التي طرحها الرئيس بوروشنكو”.
وكان الرئيس الأوكراني صرح في بروكسل عقب توقيه اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي “انه يوم تاريخي وربما الأهم منذ استقلال” البلاد. وقال إن “لا مفر من التطور في التاريخ”، مشدداً على ان الاتفاق يشمل “أوكرانيا كلها بما فيها القرم”.
ويهدف اتفاق الشراكة أساساً الى الغاء الحواجز الجمركية بين دول الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة وتملك صناعات معدنية ومعروفة بصادراتها الزراعية.
وكان امتناع أوكرانيا عن توقيع الاتفاق في نوفمبر الماضي ادى الى حركة احتجاجية اطاحت السلطات الموالية لروسيا والى تمرد في الشرق أسفر عن سقوط أكثر من 400 قتيل.
ولم تخل ردود الفعل الروسية من التهديد بعد أسبوعين على وقف امدادت الغاز الروسي الى أوكرانيا لعدم تسديد الديون المترتبة عليها.
وفي تصريح للتلفزيون الروسي ، قال الرئيس فلاديمير بوتين ان “الانقلاب غير الدستوري في كييف ومحاولات فرض خيار مصطنع على الشعب الأوكراني بين أوروبا وروسيا دفع المجتمع نحو الانقسام ومواجهة داخلية مؤلمة”. وأشار الى انه ما زال لا يعترف بشرعية السلطات الموالية لأوروبا في كييف.
وبتوقيع الاتفاق في بروكسل تتبدد أمال بوتين بانضمام أوكرانيا الى الاتحاد الاقتصادي الذي أقامه مع دولتين اخريين من الاتحاد السوفياتي السابق هما بيلاروس وكازاخستان بينما يسعى الى إعادة نفوذ موسكو في المنطقة.
وحذر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين من أن الاتفاق سيكون له “عواقب خطيرة”.
وتخشى موسكو وصول سلع من انتاج الاتحاد الأوروبي الى اسواقها عن طريق أوكرانيا مما يمكن أن يؤثر على انتاجها المحلي. وتقول انه لا يمكن لكييف ان تستفيد في الوقت ذاته من امتيازات تجارية تقدمها كل بروكسل وموسكو.
وبعد أسبوعين تقريبا من قطع الغاز الروسي عن أوكرانيا بسبب عدم التوصل الى اتفاق حول تسديد الدين ، هددت مجموعة الغاز الروسية العملاقة غازبروم مجدداً الجمعة بخفض شحناتها الى الشركات الأوروبية التي تمد أوكرانيا بالغاز “باتجاه معاكس” للتعويض عن توقف الشحنات الروسية.
وانتخب بوروشنكو رجل الأعمال الثري البالغ من العمر 48 عاما في 25 مايو بناء على وعد بتقرب أوكرانيا الجمهورية السوفياتية السابقة التي حصلت على استقلالها في 1991، من الغرب.
وأدى وصول سلطات قريبة من أوروبا الى الحكم في كييف الى نشوء حركة انفصالية موالية لروسيا في شرق البلاد وأزمة في العلاقات الروسية الأوروبية لا سابق لها منذ الحرب الباردة.
ولم يخف الرئيس الجديد أنه يعتزم جعل هذا الاتفاق خطوة اولى نحو انضمام أوكرانيا الى الاتحاد الأوروبي ، لكنه احتمال يستبعده الأوروبيون حاليا.
وتم توقيع الشق الأول من الاتفاق ويشمل الجانب السياسي في مارس من قبل رئيس الحكومة الأوكراني ارسين ياتسينيوك.
وكان من المقرر أن يوقع الاتفاق في نوفمبر الماضي قبل أن يغير الرئيس انذاك فيكتور يانوكوفيتش موقفه ويطلب مساعدة اقتصادية من روسيا بينما تشهد أوكرانيا انكماشاً شبه متواصل منذ أكثر من سنتين.
وأدى قرار يانوكوفيتش هذا الى الحركة الاحتجاجية التي انتهت باطاحته ثم ضم القرم الى روسيا قبل نشوء الحركة الانفصالية في شرق أوكرانيا.
وأطلقت كييف بعد ذلك حملة عسكرية ضد الانفصاليين أسفرت منذ ابريل عن مقتل أكثر من 400 شخص. وتقول الأمم المتحدة إن 54 الفا و500 شخص نزحوا داخل أوكرانيا و110 آلاف آخرين فروا الى روسيا.
واخيراً ، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الجمعة من “مستقر” الى “سلبي” التقديرات المرتبطة بالافاق الاقتصادية لروسيا بسبب التأثير الاقتصادي الناتج عن الأزمة في أوكرانيا.
المصدر: أ ف ب