حلل علماء ما يعتقد أنه أقدم حمض نووي بشري على الإطلاق، ووجدوا أنه يثير تساؤلات وشكوكاً حول قصة تطور الإنسان.
وكان العلماء قد استخرجوا الحمض النووي من عظم الفخذ لشخص توفي قبل 400 ألف سنة، بعد العثور على حوالي 28 هيكلاً عظمياً في كهف في “لا سيما دي لوس هيسوس” شمالي إسبانيا.
وتمكن فريق العلماء بقيادة الدكتور ماتياس ماير، من الحصول على تسلسل الشفرة الوراثية كاملة تقريباً، أو “الجينوم”، من الميتوكوندريا الخاصة بهذه العظام، التي تعد مجمعات طاقة صغيرة في الخلايا ولها حمض نووي متفرد لا مثيل له في أي شخص أو حيوان آخر.
ويتم توريث ميتوكوندريا الحمض النووي، التي يشار إليها بـ”mtDNA” من الأمهات فقط، ويمكن استخدامها لتتبع الأنساب.
وقال الخبراء إن العمل يظهر أن تقنيات جديدة للتعامل مع الأحماض النووية القديمة قد تؤدي إلى مزيد من الاكتشافات حول أصول الإنسان.
وبعد التحليل تبين أن الحمض النووي الذي استخلص من بقايا موجودة في إسبانيا ينتمي إلى “إنسان هايدلبرج”، كما أنه يحمل أيضا سمات نموذجية من البشر البدائيين أو ما يعرف بإنسان نياندرتال.
يذكر أن العلماء يعتقدون أن إنسان هايدلبرج هو الأصل المباشر لإنسان نياندرتال.
وقد توقع الباحثون في أن يجدوا “حلقة الوصل” تلك، لكنهم فوجئوا باكتشاف علاقة جينية أقرب إلى ما يعرف بإنسان دينيسوفا، الذي عاش في سيبيريا وعلى ما يبدو في أماكن أخرى في آسيا ، بعيداً عن الكهوف الإسبانية، وهو أمر لا يستطيع العلماء التأكد من كيفية تفسيره.
وقال الأستاذ في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، كريس سترينجر: “يمكن أن تكون هذه النتيجة غير عادية نظراً لسيناريوهين اثنين على الأقل من سيناريوهات مختلفة، يرتبطان بوراثة mtDNA من الأمهات والسهولة التي يمكن أن تضيع في سلسلة النسب.
وأوضح سترينجر أن أحد السيناريوهات هو أن الحمض النووي mtDNA يعود إلى السكان القدماء، أي أجداد سكان “سيما” و”دينيسوفا”، وهو الحمض الذي فقد في تسلسل الأنساب في إفريقيا وغرب أوراسيا.
أما السيناريو الثاني فهو أن الأجداد القدماء تزاوجوا واختلطوا في أوراسيا ، فنقلوا الحمض النووي المميز لهم قبل أن يضيع لاحقاً في تسلسل إنسان نياندرتال واحتفظ به إنسان دينيسوفا السيبيري.
وأضاف أنه في الحالتين يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف الجديد “على البدء في تفكيك العلاقات بين مختلف الجماعات البشرية المعروفة منذ 600 ألف عام ماضت”.
يشار إلى أن النتائج نشرها علماء في معهد “ماكس بلانك” للتطور البشري في لايبزيغ بألمانيا في موقع دورية “نيتشر” العلمية على الإنترنت.
المصدر:وكالات