تقترب الأزمة السورية شيئاً فشيئاً من حل يضع حداً لنحو خمسة أعوام من الصراع الدامي، خصوصاً بعد بيان فيينا الأخير، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بشأن “تسوية دولية” في سوريا، لكن وسط غموض يحيط بمستقبل الرئيس بشار الأسد، حسب خبراء ومحللين سياسيين.
ويرى الخبراء أن بيان فيينا “يتضمن كثيراً من الفراغات والمطبات والغموض، ويحتاج إلى قرارات تنفيذية تفصيلية، فمصير الأسد غير واضح فيه، ويحتاج إلى قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، من أجل تنفيذ خطوات محددة، منها وقف إطلاق النار برعاية أممية، وتسليم الأسد سلطاته للحكومة التي ستنبثق عن المفاوضات”.
وكان كيري قال إن سوريا “قد تبدأ مرحلة انتقال سياسي كبير في غضون أسابيع”، وذلك في تصريح صحافي جاء على خلفية بيان اجتماع فيينا، الذي نص على إجراء مفاوضات بين النظام والمعارضة في سوريا، من المفترض أن تبدأ مطلع يناير المقبل.
وشدد كيري –الذي كان يتحدث من باريس في زيارة بعد أربعة أيام على الهجمات الدامية- على أن “كل ما نحتاج إليه، هو بداية عملية سياسية، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. إنها خطوة جبارة”.
وكان كيري أعلن في تصريح لقناة “سي إن إن” الأمريكية، أن بلاده “ستبدأ عملية مع تركيا لإكمال تأمين حدودها مع سوريا”، بينما أكد وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، أن بلاده “لديها خطط بهدف إنهاء وجود تنظيم داعش على حدودها، وعند استكمال هذه الخطط ستتخذ عملياتنا العسكرية بعداً أوسع”.
وأضاف كيري أن “75% من الحدود مغلقة.. نحن مقبلون على عملية مع الأتراك لإغلاق 98 كلم متبقية”. ويسيطر تنظيم داعش على المنطقة التي ستحدث بها العمليات، فيما تسعى كل من أنقرة وواشنطن إلى إبعاده من المنطقة الحدودية، بهدف حرمانه من طريق تهريب، ساهم في تدعيم صفوفه بمقاتلين أجانب، وخزائنه بالأموال عبر تجارة غير قانونية.
وقالت مصادر مطلعة على الخطط الأمريكية التركية، إن “قطع أحد شرايين الحياة للتنظيم سيمثل عاملاً مهماً في تغيير قواعد اللعبة في الحرب الدولية على داعش، التي دخلت فيها فرنسا بكل قوة، بعد الهجمات التي ضربت عاصمتها”.
وأثار تصريح وزير الخارجية التركي، بأن بشار الأسد “سيسلم صلاحياته الكاملة بعد تشكيل الحكومة الانتقالية خلال الفترة القادمة، وأنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد تشكيل الحكومة الانتقالية”، العديد من التساؤلات والتكهانات حول خارطة الطريق المفضية إلى حل الأزمة السورية.
وكان سينيرلي أوغلو، قال في تصريح صحافي، الإثنين الماضي، على هامش مشاركته في قمة الـ20 في أنطاليا، جنوب تركيا، إن “الحكومة الجديدة ستتشكل بعد مفاوضات، تنطلق مطلع العام المقبل، خلال مدة أقصاها ستة أشهر، وستستلم كافة الصلاحيات التنفيذية”.
واعتبر مراقبون ومهتمون بالشأن السوري، أن كلام وزير الخارجية التركي، “قد يخفي شيئاً غير معلن في بيان فيينا حول الأزمة السورية”، لكنهم شككوا في أن يسلم الأسد صلاحياته دون ضغط كبير عليه، فيما رأى آخرون أن روسيا ربما قدمت ضمانات للولايات المتحدة، بأن لا يترشح الأسد في أي انتخابات مقبلة.
وكان اجتماع فيينا، الذي عقد السبت الماضي، أصدر بياناً، وضع فيه خطة للإسراع في إنهاء الأزمة السورية، والهدف النهائي هو التوحد لمحاربة تنظيم داعش.
ووضع البيان خارطة طريق من مرحلتين، الأولى، مرحلة تفاوضية، تمتد طوال ستة أشهر، تبدأ في مطلع يناير المقبل، ويتم خلالها التفاوض بين وفد من النظام وآخر من المعارضة، بهدف الوصول إلى حكومة تتمع بصلاحيات تنفيذية.
وبانتظار ذلك، سينعقد مجلس الأمن الدولي، بغية إصدار قرار لوقف إطلاق النار، وإرسال مراقبين دوليين إلى سوريا، ولا يشمل وقف إطلاق النار تنظيم داعش أو جبهة النصرة.
والمرحلة الثانية من خارطة الطريق، هي مرحلة انتقالية، مدتها 18 شهراً، تقوم الحكومة خلالها بوضع دستور جديد، وتحضر لانتخابات رئاسية، تحث إشراف الأمم المتحدة.
وهناك استحقاقان على الأقل، في المدى القريب، الأول، هو صدور قرار من مجلس الأمن بخصوص التسوية، خاصة وقف إطلاق النار، والبعثة الأممية التي ستراقب تطبيقه، والآخر هو اجتماع عمان المرتقب، الذي سيحدد قائمة بأسماء الجماعات الإرهابية في سوريا، والتي لن يشملها وقف إطلاق النار حسب بيان فيينا.
المصدر:وكالات