تفاقمت الأزمة السياسية في العراق بعد إخفاق الكتل النيابية في انتخاب رئيس الجمهورية، وتمسُّك التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، والطرف الثاني قوى الإطار التنسيقي برئاسة نوري المالكي، بموقفيهما، وهو ما يجعل الأبواب مفتوحة أمام سيناريوهات متعددة قد تشهدها العملية السياسية خلال الأيام المقبلة.
وأرجأ البرلمان العراقي، السبت، للمرة الثانية انتخاب رئيس الجمهورية، لعدم اكتمال نصاب الثلثين المفترض توفيره، حيث حضر 202 نائب فقط، بينما يبلغ النصاب الضروري للشروع بالانتخاب 220 نائبًا.
ولدى تحالف “إنقاذ الوطن” (متشكّل من مقتدى الصدر، ومسعود بارزاني، ومحمد الحلبوسي)، نحو 168 نائبًا، وتمكّن من جمع نحو 40 آخرين، لكنّه ما زال في الحاجة إلى 20 نائبًا، لإكمال نصاب الجلسة والمضي في اختيار رئيس للجمهورية، (المرشح عن هذا التحالف ريبر أحمد).
وشهدت أجواء جلسة البرلمان تراشقًا بالبيانات والصور واستعراضًا للقوّة السياسيّة، مع لهجة خطاب حادّة تبنّاها القادة الشيعة، مثل نوري المالكي، ومقتدى الصدر، والنوّاب التابعون لهما، وهو ما أضفى أجواءً من التوتر على العملية السياسية برمّتها، وسط مخاوف من الجنوح نحو النزاع المسلّح، في ظلّ امتلاك مختلف الأطراف السّلاح.
وفيما كان البرلمان يعقد جلسته في المبنى الرسمي، فتح رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، منزله أمام تجمع كبير، للنوّاب المناهضين لتحالف “إنقاذ الوطن”، حيث حضر عشرات النواب، وقادة الفصائل المسلحة، مثل هادي العامري، رئيس منظمة بدر، وقيس الخزعلي، قائد فصيل عصائب أهل الحق، بالإضافة إلى المتحالفين معهم مِن الكرد، مثل “الاتحاد الوطني الكردستاني”، والاتحاد الإسلامي، وتحالف عزم (سنّي)، وغيرهم.
وبعقد جلسة السبت، اتّضحت معالم الميول السياسية، حيث تمايزت القوى والأحزاب وانصهرت في معسكرين؛ الأول يمتلك نحو 202 نائب، بقيادة مقتدى الصدر، وبشراكةٍ من مسعود بارزاني، وكذلك تحالف السيادة السني، أمّا المعسكر الآخر، فهو برئاسة المالكي، ولديه نحو 110 نوّاب، وتمكّن من تعطيل جلسة البرلمان، وهو ما يفتح الباب على عدة سيناريوهات مقبلة؛ أبرزها حصول انفراجة سياسية، تفضي إلى استكمال الإجراءات الدستورية، أو الدخول في نفق مظلم، في ظل التلويح بحل البرلمان وإعادة الانتخابات.
وأشاعت كتل نيابية وشخصيات سياسية بأن الانسداد الحالي قد يُفضي إلى حل البرلمان وإعادة الانتخابات، في ظل الصراع الدائر، بما يعنيه هذا الخيار من مسلك معقد، قد ينسف كلّ التوافقات الأساسية ويثير احتجاجات أخرى.
وما تزال أمام البرلمان فرصة أخرى، حيث حدد الـ30 من مارس موعدا للجلسة المقبلة، قبل انتهاء المدة الدستورية، وهو ما يجعل سيناريو حل البرلمان ماثلًا، أو الدخول في فراغ دستوري كبير، بينما يرى آخرون أن العملية السياسية قد تشهد انفراجة، بقبول الطرفين الجلوس على مائدة الحوار.