يشهد لبنان اشتداد حدة المعارك على جبهتين: الحكومية والنفطية، وفيما طلائع الأولى توازي طلائع الثانية حتى إشعار آخر، فإن السوق اللبنانية لا تزال فارغة لتاريخه من المادتين، وما بين الجبهتيْن، تحول لبنان إلى «سوق سوداء» تتأثر بأجواء تشكيل الحكومة، وعليه، ارتفع منسوب الخشية من احتمالات فقدان السيطرة على الأرض، في حال استمرت المراوحة الحكومية، وسط انهيار متماد وانفجار حديث ودعم مرفوع، مع ما يعنيه الأمر من دخول لبنان في المجهول.
وحتى تكتمل الصورة الحكومية، بعيداً عن «شياطين التعطيل»، فإن صورة الأزمات اليومية على حالها، والطابور ممتد وإلى ازدياد، من البنزين إلى المازوت، ومن الغاز إلى الرغيف، فيما حجز قطاع الاتصالات مكاناً له في طابور الأزمات الطويل، فهو قطاع معلق على الطاقة من مازوت وكهرباء، وغيابهما يهدد جدياً استمرار الإنترنت والاتصالات الهاتفية بخطوطها الأرضية والخلوية.
على الجبهة الحكومية، وصلت اجتماعات رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مع الرئيس ميشال عون إلى الرقم «11»، من دون بلوغ الخواتيم الموعودة، وقد أمسك ميقاتي «العصا» من النصف في تصريحه الأخير، أمس، بإشارته إلى «الأمتار القليلة» من مسابقة تأليف الحكومة، مع ما يعنيه الأمر، في القراءات السياسية، من كونه يقابل «المرونة بالمرونة» لتدوير زوايا التشكيل، ويرتكز في ذلك على أساس أن كل الأفرقاء راغبون في تذليل العقبات بأقل الخسائر الممكنة، على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، ومن هنا جاءت إشارته إلى أن التوصل إلى تشكيلة وزارية تراعي كل التوازنات «مسألة تأخذ بعض الوقت».
وعليه، فإن التقديرات ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات، والنقاش في تفاصيل الحقائب والأسماء ما زال مرهوناً بخواتيمه، كما أكد ميقاتي مراراً، إلا إذا خرجت «أرانب» جديدة من جيوب قديمة، تحقيقاً لأهداف قديمة- جديدة، دفع اللبنانيون ثمنها، بعدما حفظوها عن ظهر قلب.
أما على الجبهة النفطية، فلا يزال لبنان، بمساحته من النهر الكبير شمالاً إلى آخر نقطة في الناقورة جنوباً، تحت وطأة أسوأ أزمة محروقات شهدها بلد في العالم، ومسرحاً لعمليات مطاردة الصهاريج والقبض على المتوافر منها، فيما يتولى الجيش مهمة «الإنزال» على المخازن المخبأة ومصادرتها، لتوزيعها على المستشفيات والأفران.
وقد قُدِرت الكميات المضبوطة من المحروقات خلال حملته في الأيام الأخيرة بحدود 6 ملايين لتر، علماً بأن هذه العمليات المستمرة لم تمر من دون إشكالات أمنية، والخطر سيبقى داهماً بغياب مادتي المازوت والبنزين وفقدانهما من السوق، ما يخلف يومياً عشرات الحوادث التي خرجت عن السيطرة.
ولليوم الخامس على التوالي، واصل الجيش اللبناني التنقيب واكتشاف المحروقات، من بنزين ومازوت، في «البلوك البري» المتنازع عليه بينه وبين المخزنين والمهربين، وذلك، في خطوة جاءت متأخرة، لكنها أثبتت، بالعين المجردة، أن لبنان عائم على «بلوك بري» لم يُستخرج منه حتى الساعة سوى القليل.
وفي انتظار وضع اليد على هذه الفضيحة قضائياً، فإن الحلول التي يُعمل عليها، رسمياً، رُسِمت أولى خطواتها في وزارة الطاقة، التي أطلقت مناقصات لاستجرار الفيول من العراق، بموجب الاتفاق الموقع مع الدولة العراقية.
وبحسب معلومات «البيان»، فقد تقدمت 5 شركات عالمية للمناقصة، فيما ينتظر لبنان جواب بغداد عليها، وذلك، بالتزامن مع تردد معلومات مفادها أن «حزب الله» ينسق، أمنياً، مع أجهزة الدولة اللبنانية، لوصول مواكب النفط الخام الإيراني إلى لبنان عبر «بانياس» السورية.
المصدر: وكالات