قال أثريون مصريون أن عدد أثار مصر المدرجة بقائمة التراث العالمي قليل لا يليق بمكانة مصر وتاريخها العريق.
ورحبوا باعداد مسؤولو وزارة الآثار الملفات والوثائق اللازمة لتقديم ثلاث ملفات لترشيح مدينة الإسكندرية القديمة والمعابد البطلمية وقلعتي فرعون والجندي بسيناء على قائمة التراث العالمي باليونسكو.
وقالوا ان مصر زاخرة بالعديد من المواقع الأثرية الفريدة على مستوى العالم، حيث تم تسجيل سبعة مواقع فقط على قائمة التراث العالمي ويجب العمل بكل جدية للاهتمام بتلك الملفات وإعدادها جيدا على أعلى مستوى من العلم والدقة واستيفائها كافة الشروط والمعايير الثقافية والطبيعية.
ولفت الأثريون إلى أن النجاح في ضم تلك المواقع إلى قائمة التراث العالمي يعد خطوة مهمة في وقت تحتاج فيه السياحة المصرية للكثير من الخطوات الجادة لإخراجها من أزماتها الحالية.
وعن القيمة التاريخية لمعالم مدينة الإسكندرية القديمة المرشحة لوضعها على قائمة التراث العالمي، أكد الدكتور خالد غريب أستاذ ورئيس قسم الآثار اليونانية والرومانية بكلية الآثار جامعة القاهرة أن مدينة الإسكندرية تعد من الكنوز المنسية، التي كان يجب أن تكون من أوائل المواقع في مصر التي يتم وضعها على قائمة التراث العالمي خاصة وأنها من المدن النادرة التي كان لها بعد سياسي وديني وتجارى واجتماعي عند إنشائها، وأطلق عليها مدينة “المصريين المتلألئة”.
وقال غريب إن الغرض الرئيسي لبناء الإسكندر الأكبر للمدينة هو غرض تجاري بحت، ففي الخامس والعشرين من شهر طوبة عام 331 قبل الميلاد وضع الإسكندر الأكبر حجر الأساس للمدينة التي اختارها كحاضرة تحمل اسمه في مصر، حيث اختار موقع قرية قديمة كان اسمها راقوتيس، وموقع هذه القرية الآن منطقة عامود السواري – كرموز، وقام المهندس دينوقراطيس بوضع تخطيط المدينة علي الطريقة “الهيبودامية ” وهو تخطيط يشبه تخطيط المدن
اليونانية في القرن الخامس قبل الميلاد.
وأضاف أنه في عام 323 قبل الميلاد أرسل كليمونيس – نائب الإسكندر الذي عين على الإسكندرية – عملة مرسوم عليها أسوار المدينة ليراها الإسكندر، وهي ما شاهده فقط، حيث أنه و لسوء حظه مات قبل أن يري مدينته عروس البحر المتوسط، لافتا إلى المدينة تعد منشأ الديانة المسيحية في مصر حيث كانت مدينة دولية وعاصمة العالم الثقافية وأكبر مركز علمي وفلسفي في العالم، عندما تأسست كنيسة الإسكندرية على يد مارمرقس الذي جاء إلى مدينة الإسكندرية حوالي عام 61 م تقريبا وقتل فيها.
وأوضح أن الإسكندرية يوجد بها أكثر من 20 موقعا أثريا نادرا على مستوى العالم إلى جانب مجموعة من الآثار الغارقة، ومن أهم المواقع الأثرية جبانة كوم الشقافة والتي تحتاج حاليا إلى اهتمام من مسؤولي الآثار لحمايتها والحفاظ عليها، والتي تمثل بوضوح اختلاط الفن المصري القديم مع الفن اليوناني والروماني، و جبانة الشاطبي وتؤرخ للنصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد وهي من أقدم وأهم المقابر اليونانية بمصر.
وتابع غريب “من أهم الآثار في الإسكندرية عمود دقلديانوس (السواري) أعلى عمود أثري في مصر، وأقيم على تل في منطقة السيرابيوم، كما تعد منطقة كوم الدكة من أهم المناطق حيث تضم عددا كبيرا من آثار المدينة، والتي يوجد بها المسرح الروماني الشهير ومعبد القيصرون الذي شيدته كليوباترا من أجل ماركوس أنطونيوس وقامت بنقل مسلتين من هليوبوليس لوضعهما أمام المعبد، وهما المسلتان الموجودتان حاليkا في لندن وأمريكا”.
وعن قلعتي الجندي وصلاح الدين بجزيرة فرعون في سيناء، أوضح الدكتور سامي صالح مدير عام مناطق آثار شرق الدلتا وسيناء أن تسجيل الأثر في قائمة التراث العالمي يعد بمثابة شهادة الميلاد للحماية العالمية للأثر، ولم يسجل حتى الآن على قائمة التراث العالمي بشبه جزيرة سيناء سوى (دير سانت كاترين).
وأكد أن القلعتين المرشحتين تتميزان بموقعهما الاستراتيجي، والذي يعد من السمات البارزة لاختيار مواقع ومواضع القلاع في عهد صلاح الدين سواء في مصر أو بلاد الشام.
وقال إن قلعة الجندي كانت تعرف قديما باسم قلعة (صدر) نسبة إلى إحدى القبائل العربية التي كانت تقطن في المنطقة، ومنشئ القلعة هو السلطان صلاح الدين الأيوبي خلال الفترة 579/583ه – 1183/1187م، وشيدت كمحطة رئيسة على طريق صلاح الدين الحربي المار بوسط سيناء المعروف في العصور الوسطى باسم “طريق صدر وأيله”.
وأضاف صالح أن القلعة تقع على قمة جبل ينفصل عما حوله من سلسلة جبال الراحة، ويشرف على كامل المنطقة بهضبة التيه وما حولها، ومن خلالها يمكن كشف العدو على بعد مسافة بعيدة، وتبلغ مساحتها حوالى ثلاثة أفدنة وثلاثة قراريط، ويدعم أسوارها 17 برجا، والبوابة الرئيسة عليها “رنك الأسد والنجمة السداسية” الشارة المحببة لصلاح الدين والتي توجد على دراهمه الفضية خاصة المضروبة بمدينة حلب.
وتابع أن القلعة تتميز بأنها من القلاع النادرة التي تشتمل على 7 نقوش كتابية تأسيسية بخط النسخ تؤرخ لكل قسم تم تشييده من القلعة مدون عليه اسم السلطان الآمر بالعمارة وهو صلاح الدين الأيوبي، ونائب السلطنة بمصر، والأمير المشرف على العمارة من أسرة سختكمان السلجوقية، واسم المنشأة سواء البوابة أو الأبراج والأسوار أو الجامع والصهاريج، وكذلك نقوش لحيوانات مؤرخة كالأسد والغزلان وطيور.
وبالنسبة لقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون، أشار الدكتور سامي صالح إلى أن تلك القلعة كانت تعرف في العصور الوسطى باسم قnلعة (جزيرة أيله) في المصادر العربية، وشيدها صلاح الدين الأيوبي بعد تحريرها من الفرنجة في سنة 566ه / 1171م، وكانت بمثابة محطة رئيسة على طريق صلاح الدين الحربي (طريق صدر وأيله)، وكميناء لحماية الملاحة في خليج العقبة والبحر الأحمر.
ولفت إلى أن موقع القلعة عبارة عن جزيرة صخرية داخل مياه خليج العقبة إذ تحيط بها مياه البحر من جميع الجهات، وبنيت على طراز قلاع العصور الوسطى، إذ اتخذت شكل الجزيرة المشيدة عليها، ويوجد بها برج نادر للحمام الزاجل، وتم اكتشاف نقش كتابي نادر بخط النسخ الأيوبي يؤرخ لعمارة فرن لصناعة السلاح بالقلعة شيد على بقايا كنيسة بازيليكية من عصر احتلال الفرنج للجزيرة، وآخر لعمارة برج وسور خارجي دعم بتسعة أبراج مربعة قواعدها مغمورة في مياه البحر.
المصدر : وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )