أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، التزام الجامعة الثابت بالسلام والمبادئ الحقوقية والإنسانية، ونبذ العنف والنزاعات المسلحة التي تغذيها جروح التاريخ ومشاعر الظلم واليأس والإحباط وخاصة في الشرق الأوسط.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية أمام المنتدى العالمي العاشر للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، تحت عنوان “متحدون في السلام: استعادة الثقة وإعادة تشكيل المستقبل.. عقدان من الحوار من أجل الإنسانية”، والذي ألقاها نيابة عنه السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الاعلام والاتصال بالجامعة العربية.
وأعرب أبوالغيط- في بداية كلمته التي وزعتها الجامعة العربية، اليوم الثلاثاء- عن الشكر للجهات المنظمة على الدعوة الكريمة للمشاركة في هذه الدورة في رحاب مدينة كاسكايس الجميلة على الساحل الأطلسي لهذا البلد العريق (البرتغال)، الذي شهد على مدى قرون مزيجا من الحضارات، ومنها الموروث الأندلسي، الذي قدم نموذجا متميزا في التساكن والعيش المشترك في تاريخ الإنسانية.
وأضاف: “أن انطلاقا من التوجهات الاستراتيجية لجامعة الدول العربية نؤكد على إرادتنا الراسخة لتكريس الانخراط في خدمة ثقافة السلام، وبناء مقومات الثقة، ومد جسور الحوار، باتساق مع الأهداف الكبرى الذي يسعى المنتدى العالمي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات إلى تحقيقها لاحتواء نزعات العنف ومواجهة السرديات المحرضة على التعصب والكراهية وازدراء الأديان والتطاول على حرمة رموزها”.
وذكّر بأن المنطقة العربية احتضنت دورتين من منتديات تحالف الحضارات في كل من دولة قطر في 2011 والمملكة المغربية في 2022، وتحرص تماشيا مع أحكام ميثاق الجامعة العربية على الالتزام الثابت بالسلام والمبادئ الحقوقية والإنسانية.
وتابع أنه في هذا السياق، تثار تساؤلات حول مصداقية القانون الدولي الانساني في ظل تواصل شراسة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، وتزايد الأعداد المهولة من الضحايا المدنيين الأبرياء.
وأشار إلى أن الجميع يعلم الوضع الإنساني الكارثي في غزة مع استمرار القصف والنزوح المتكرر، وعرقلة المساعدات الإغاثية، وحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، واستهداف الدور السكنية والمنشآت العامة؛ بما فيها المؤسسات التعليمية والمعالم الثقافية والأثرية وأماكن العبادة.
وشدد على أن استقرار هذا الفضاء الجيو – سياسي الحساس يمر حتما عبر الحلول السلمية بعيدا عن منطق القوة ودوامة العنف والدمار، بما يضمن، بعد عقود طويلة وقاسية، كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية في إرساء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ورؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية.
وأبرز أن الجامعة العربية كانت سباقة للانضمام إلى “مجموعة أصدقاء التحالف” منذ 2005، وإطلاق تعاون مؤسساتي طموح بالتوقيع على مذكرة تفاهم في يناير 2008.
وعملت، بانفتاح على التجارب الوطنية للدول الأعضاء، على إعداد الخطة الاستراتيجية الموحدة لتحالف الحضارات التي اعتمدت في 2016، والتي يجري العمل على تحديثها برسم سنوات 2025-2029 وإثرائها بقضايا حيوية كالهجرة والتعليم والإعلام والشباب، والتي ستعمّم على نقاط الاتصال العربية لدى التحالف لاستيفاء دراستها بشكل متكامل.
وثمن أبوالغيط، المبادرات القيمة للممثل السامي للأمين العام لتحالف الحضارات، لما هو مشهود له من حنكة دبلوماسية وحس إنساني عال، ومنها على الخصوص خطة العمل 2026-2024 التي طرحت خلال الاجتماع الوزاري الأخير على هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة 79 للجمعية العامة.
وأكد أن المدخل القويم لإضفاء مزيد من النجاعة على هذا المسار الواعد يتمثل في الدعم المستمر لكافة الشركاء حكومات وبرلمانات وفاعلين محليين ومنظمات ومجتمع مدني ونخب فكرية وإعلامية وفنية ورياضية تؤمن برسالة حماية السلام، وقدسية الكرامة البشرية في نطاق مقاربة تشاركية ترتكز على التعاون وتضافر الجهود على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والكونية.
وقال إن اللحظة الاحتفالية بمرور 20 سنة على إنشاء تحالف الحضارات، بمبادرة جليلة من إسبانيا وتركيا، فرصة سانحة لإجراء وقفة تأمل وتقييم شامل وخلاق لمكاسب التحالف، لا سيما مع بروز تحديات متعددة في المشهد الدولي الراهن الذي تشوبه انقسامات عميقة، وصراعات متفاقمة، ومخاطر مرتبطة بالفضاء الرقمي والسيبراني في زمن الذكاء الاصطناعي.
وأعرب أبوالغيط، عن يقينه بأن “إعلان كاسكايس” الذي سيتوج أعمال هذه الدورة يعطي إشارة قوية للمضي قدما بمسيرتنا الواثقة على طريق تنمية الحوار بين الثقافات والحضارات، واحترام التنوع والخصوصيات الثقافية، وتشجيع العمل الأممي الاستباقي لاستدامة السلام، واستشراف مستقبل جماعي أفضل وآمن للأجيال الصاعدة.
المصدر: أ ش أ