إنها المرحلة الأخيرة في سباق الرئاسة الأمريكية.
بعد حملة بدأت في نهاية عام 2015، أصبحنا الان على مسافة ستة أسابيع من الانتخابات.
وتجرى المناظرة الأولى من بين ثلاث مناظرات ليل الاثنين/ الثلاثاء، حيث يتطلع إليها كثيرون باعتبارها حاسمة، بين مرشحين يتقاربان للغاية من بعضهما البعض في استطلاعات الرأي.
تعد المناظرات آخر وأفضل فرصة، أمام دونالد ترامب وهيلاري كلينتون لإقناع الناخبين بالتصويت لهما.
ولن يستطيع أي من المرشحين أن يجذب انتباه الشعب الأمريكي، بمثل ما يستطيع أن يفعل خلال المناظرات الثلاث.
ولن تجذب أي مناظرة عددا أكبر من المشاهدين، ولن تستطيع التأثير في انطباعاتهم عن المتنافسين، مثلما ستفعل المناظرة الأولى.
وهناك احتمال كبير أن تكسر مناظرة ليل الاثنين/ الثلاثاء الرقم القياسي، وهو مشاهدتها من قبل 80 مليون أمريكي، وهو ما حدث خلال مناظرة بين الرئيسين السابقين جيمي كارتر ورونالد ريجان، عام 1980.
وخلال الدورة الانتخابية التي تقاس بشهور وربما سنوات، تعطي هذه المناظرات الأمريكيين فرصة حقيقية وارتجالية، لرؤية كيف سيتعامل الرئيس المستقبلي مع الضغوط الشديدة للمكتب البيضاوي.
إنها أهم مقابلة توظف على الإطلاق.
ستكون المناظرة على ستة أجزاء، مدة كل جزء 15 دقيقة، وتتناول كل واحد منها قضية بعينها.
ويدير المناظرة “ليستر هولت” المذيع بقناة إن بي سي، والمكان هو جامعة هوفسترا في لونغ أيلاند بنيويورك.
والموعد هو الساعة التاسعة من مساء الاثنين بالتوقيت المحلي، الواحدة من صباح الثلاثاء بتوقيت غرينتش.
وفي بداية كل جزء من المناظرة سيكون أمام كل مرشح دقيقتان، لكي يجيب عن سؤال حول القضية موضوع الحوار، ثم يرد كل منهما على الآخر.
وتم الكشف عن ثلاثة من موضوعات المناظرة، اختارها المذيع هولت وهي: توجه أمريكا، وتحقيق الازدهار، والأمن، والتي تبدو كشعارات لبنوك أكثر منها موضوعات للتناظر.
أما الأسئلة الثلاثة الأخرى فسوف تتعلق بأحداث في الأخبار خلال الأسبوع الجاري.
ما عليهما أن يفعلاه؟
نصحني أحد الأشخاص بنصيحة مهمة فيما يتعلق بمقابلات التوظف، وهي عن السؤال الذي يجب عليك أن تجيب عليه.
فلجنة المقابلة ستتعرف على عملك، ولديها سيرتك ذاتية، لكن ما هو المجال الذي يحتاجون أن تقنعهم بنفسك فيه؟
وتنطبق هذه النصيحة على مناظرة الاثنين، مع الفارق أن أعضاء لجنة الاختيار يزيدون قليلا من 200 مليون شخص، هم جمهور الناخبين الأمريكيين.
وبالنسبة للمرشحين، الذين لا يتمتع أي منهما بشعبية جارفة عن الآخر، فإن السيرة الذاتية لهيلاري كلينتون مليئة بالكثير من الصفحات، ولذلك فهي ليست بحاجة للكشف عن خطط مفصلة. ويعرفها الناخبون جيدا، لكن ماذا عن الموثوقية؟ إنها أكثر صعوبة.
وعلى كلينتون أن تكون صريحة، وألا تفرط في انتهاج نهج الدفاع أو التقيد بحرفية القانون.
وماذا عن ترامب؟
سيرته الذاتية ليست وافية، لذلك فهو بحاجة إلى إظهار أنه يمتلك فكرا.
نحن نعلم ماذا يريد أن يفعل، أن يبني سورا (مع المكسيك) وأن يخلق وظائف وأن يسحق “تنظيم الدولة”، وأن يعيد التفاوض على الاتفاقات التجارية، لكن كيف سيمكنه عمل ذلك؟
حتى الآن ليس لدينا أي فكرة.
ما عليهما أن يتجنباه؟
“على كلينتون أن تكون حريصة”، هذا ما قاله توني شوارتز، الذي يكتب باسم ترامب، والذي عمل مستشارا لحملة كلينتون لصحيفة نيويورك تايمز.
وأضاف “ربما تؤدي جيدا، لكنها تظل قابلة لأن تخسر المناظرات إذا ما أظهرت أنها متعالية وتعرف كل شئ”.
من ناحية أخرى، فإن ترامب عليه أن يتجنب الاستجابة إلى أي استفزاز من جانب منافسته.
وقالت حملته إننا سنشاهد ترامب هادئا، ورابط الجأش خلال المناظرات.
ما يجب أن نركز عليه؟
من ناحية، توجد كلينتون التي خضعت لإعداد مكثف لهذه المناظرات.
ومن ناحية أخرى هناك ترامب، الشخصية التلفزيونية السابقة، الذي أدى أداؤه خلال المناظرات الأولية للحزب الجمهوري إلى فوزه بترشيح الحزب.
وتعمل حملة كلينتون على تفحص أداء ترامب خلال تلك المناظرات.
وما خلصوا إليه حسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي، هو أن ترامب قد يجر لارتكاب أخطاء والإجابة بطريقة عدوانية، إذا ما تلقى أسئلة حول مستوى ذكائه وجدارته وذكائه التجاري على وجه الخصوص.
ولم يوظف ترامب شخصا يقوم بدور هيلاري لكي يتدرب معه على المناظرة، وقيل إنه لم يعط اهتماما كبيرا للمذكرات المعلوماتية المختصرة حول السياسة.
وبدلا من ذلك، تفيد التقارير بأنه اعتمد كثيرا على مستشاريه رودي جولياني (رئيس بلدية نيويورك الأسبق) وروجر أيلز (الرئيس السابق لفوكس نيوز)، وجرى كل هذا خلال لعب الجولف وأكل النقانق معهما.
وخلال الأسبوع الماضي أرسلت حملته استطلاع رأي لمؤيديه، تسألهم عن رأيهم بشأن ما يجب عليه أن يسأل عنه كلينتون، (على سبيل المثال ما إذا كان يجب عليه أن يناديها باسم “هيلاري المعوجة” خلال المناظرة.
وقال جولياني لصحيفة واشنطن بوست: “سوف تشاهدون شخصا طبيعيا وعاديا للغاية، شخص متصالح مع نفسه، وليس شخصا يتحدث عبر نص معد مسبقا أو شخص متوتر”.
مراسلنا أنتوني زورتشر استنبط أين يقف المرشحان من القضايا الرئيسية، مقارنة ببقية قادة دول العالم.
فيما يتعلق بقضية اللاجئين على سبيل المثال، حذر ترامب من أن سياسة الولايات المتحدة بقبول دخول اللاجئين القادمين من مناطق بعينها ، الشرق الأوسط أو الدول الإسلامية على وجه العموم، تمثل تهديدا خطيرا على الأمن القومي الأمريكي.
ودعا سلطات بلاده إلى وقف استقبال اللاجئين حتى يتم تطبيق إجراءات “تدقيق شديدة” عليهم.
ويؤكد على أن دول الشرق الأوسط عليها بذل مزيد من الجهد، من أجل خلق مناطق آمنة لهؤلاء الذين يفرون من العنف”.
“بينما دعت هيلاري كلينتون لزيادة عدد اللاجئين السوريين، الذين يتم استقبالهم في الولايات المتحدة، من 10 آلاف سنويا حاليا إلى 65 ألف سنويا، وهو ما يحب ترامب أن يشير إليه بزيادة بنسبة 550 في المئة.
ونبهت كلينتون إلى أن اللاجئين يجب “فحصهم بدقة وحرص”، لكنها أشارت إلى أن الإجراءات الحالية تشمل عملية طلب لجوء قد تستغرق عدة سنوات، وأن اللاجئين لا يعلمون أي بلد سوف تستقبلهم”.
لماذا تصعب مهمة المذيع؟
ستكون مهمة ليستر هولت صعبة في إدارة المناظرة.
فقط إسأل “مات لاور”.
في وقت سابق من الشهر الجاري التقى “لاور” ، وهو زميل لـ هولت في قناة إن بي سي، مع ترامب لكنه لم ينتبه لمقولته الخاطئة بأنه لم يؤيد الحرب على العراق.
وكان رد فعل الجماهير عنيفا، ما أكد أن مذيعي كل المناظرات يقعون تحت تدقيق خاص هذا العام.
وعلاوة كل ذلك يقول ترامب إن المناظرات مزورة، ويجب ألا يكون فيها مذيع، وأن هولت ديمقراطي (في حين أن هولت مسجل كجمهوري).
وقد تسبب المرشحان في إرهاق فرق تدقيق المعلومات خلال الحملة، وفي حالة ترامب حاول مرار إنكار حقائق حتى حينما تتوفر أدلة قوية عليها.
ولذلك فإن محاولة توقع أن يقول أي من المتناظرين أنصاف حقائق، أو ما ليس بحقائق على الإطلاق، ومعرفة كيفية تفنيدها سيكون مهمة صعبة.
لكن على أقل تقدير يجب أن تكون المناظرة ممتعة.
المصدر : وكالات