تفاعل العالم في الآونة الأخيرة مع الأنباء السارة التي أعلنتها شركتا “فايزر” الأمريكية و”بيونتيك” الألمانية والخاصة بلقاحهما المنتظر ضد فيروس كورونا المستجد، وفاعليته التي وصلت إلى 90%، ما بعث موجة كبيرة من الأمل.
وانضمت، الاثنين، شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية “مودرنا”، إلى هذا السباق، كاشفة عن نتائج أولية إيجابية للقاحها التجريبي المنتظر أيضًا.
ووفقاً لبيان صادر عن الشركة، يقول باحثون، إن النتائج الخاصة باللقاح المضاد لكورونا أثبتت فاعليته بنسبة 94%، وأنها جاءت أفضل مما تخيلوا، لكن اللقاح لن يكون متاحاً على نطاق واسع إلا بعد بضعة أشهر.
ونتيجة لإعلان “مودرنا” عن نجاح لقاحها، ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 6% في تعاملات الاثنين، ليصل سعر سهم تداولها في البورصة إلى 95 دولار أمريكي.
وتضمنت المرحلة الثالثة التي أجرتها “مودرنا” وبدأت في 22 أكتوبر الماضي، مشاركة أكثر من 30 ألف متطوع داخل الولايات المتحدة، 53% منهم من الذكور، و29% بين عمر 25 و44 عاماً و39% منهم تجاوز عمرهم 45 عاماً، حُقن نصفهم بـ100 ميكروجرام من اللقاح، فيما حُقن النصف الثاني بعقار وهمي.
وتُجرى تجارب اللقاحات العلمية بشكل منهجي، إذ يُعطى اللقاح لمجموعة بهدف الاختبار، فيما تُعطى مجموعة موازية لقاحاً وهمياً “بلاسيبو” لتقييم فعالية اللقاح الحقيقي مقابل الوهمي، ثم يبدأ الباحثون في قياس نسبة الأجسام المضادة التي ولدّها اللقاح الحقيقي، فإذا ما تمكن اللقاح من توليد أجسام مناعية في أجساد المتلقين، يتم حساب نسبة النجاح.
وبالنسبة للقاح “مودرنا”، فإن نسبة نجاحه في توليد أجسام مضادة تمنع الإصابة بالفيروس تزيد عن 94% من إجمالي مجموع المصابين، مقارنة بمن تلقوا اللقاح الوهمي.
وهناك نحو 10 شركات أخرى تتسابق لإعلان نتائج دراسات كبيرة في المرحلة الثالثة، كما أن هناك أكثر من 50 شركة مرشحة تعمل على لقاح جديد، لكنها لا تزال في المراحل الأولى من الاختبارات.
وكانت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، أعلنت، في وقت سابق، موافقتها على إصدار رخصة للاستخدام الطارئ للقاحات حال كونها فعالة في 50% من الحالات.
وقام الباحثون في شركة “مودرنا” بإصابة 95 شخصاً بفيروس كورونا المستجد، 90 منهم حصلوا على لقاح وهمي (محلول رينغر الملحي) فيما حصل 5 فقط على اللقاح المُصمم حديثاً.
ولم تظهر أعراض الإصابة بالفيروس على أيّ ممن حصلوا على التطعيم الحقيقي، فيما عانى 11 شخصاً من أعراض وخيمة شديدة جراء الإصابة بالفيروس، جميعهم من مجموعة اللقاح الوهمي.
وقامت هيئة سلامة البيانات التابعة للمعاهد الأميركية للصحة بتحليل نتائج التجربة، التي اشترك فيها باحثون من مركز أبحاث اللقاحات التابع للمعهد الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية.
وتستند نقطة النهاية الأولية (النتائج المبكرة) لتجربة “مودرنا” على استقصاء المعلومات، وعمل التحاليل بعد أسبوعين من الحصول على الجرعة الثانية من اللقاح.
وقالت الشركة في بيانها، إن اللقاح لم يُثر أيّ مخاوف تتعلق بالسلامة، حيث أشارت مراجعة الأعراض الجانبية إلى أن اللقاح كان جيد التحمل بشكل عام، وكانت غالبية الأعراض الجانبية خفيفة أو معتدلة في الشدّة، إلا أن أعراض جانبية شديدة ظهرت على 2% من الحالات، ولم تُعلن الشركة عن تلك الأعراض بعد.
وبحسب “مودرنا”، فإن الجرعة الأولى تسببت في ألم في موضع الحقن عند 2.7 % من الحالات، وبعد الجرعة الثانية ظهرت أعراض التعب على 9.7 % من الحالات، وألم عضلي بنسبة 8.9 %، وألم مفصلي بنسبة 5.2 %، وصداع بنسبة 4.5 %، وألم عام بنسبة 4.1 %، وحمّى أو احمرار في موقع الحقن بنسبة 2.0 %. إلا أنها عادت وأكدت أن الأعراض الجانبية كانت قصيرة الأجل “بشكل عام”.
ولم تنشر النتائج سواء في لقاح تحالف “فايزر- بيونتيك” أو لقاح “مودرنا” في المجلات العلمية المحكمة، لذا لا يمكن اعتبارها نتائج نهائية.
وتقول الشركة في بيانها إنها “ستتقدم للحصول على رخصة الاستخدام الطارئ للقاح خلال الأسابيع المقبل”.
ورغم أن لقاح “فايزر- بيونتيك” ولقاح “مودرنا” يستهدف نفس البروتين المعروف باسم “سبايك”، إلا أن ثمّة اختلاف جوهري بينهما.
فلقاح “مودرنا” يُمكن تخزينه في درجات حرارة تصل إلى 2 درجة مئوية تحت الصفر، وهي درجة يُمكن إدراكها بسهولة، على عكس لقاح “فايزر- بيونتيك” الذي يحتاج لدرجة حرارة حفظ تصل إلى 80 درجة مئوية تحت الصفر.
وفي بيان صحفي، الاثنين، أكد كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أنتوني فاوتشي، ومدير المعاهد الوطنية للصحة الطبيب فرانسيس كولينز، أن الأخبار المفعمة بالأمل لا تعني أن الناس يمكنهم فقد حذرهم، على العكس تماماً.
ودعا كلاهما الجمهور إلى “مضاعفة” ارتداء الكمامات، والتباعد، وغسل اليدين، وتجنب الازدحام، والبقاء على هذا المسار إلى أن يصبح اللقاح متاحاً.
ولم تُعلن الشركة عن سعر اللقاح بعد، إلا أن تقارير صحافية تزعم أن السعر لن يزيد عن 70 دولاراً أمريكياً.
المصدر: وكالات