تقليد دأب عليه الموريتانيون منذ القدم، حيث تعد ظاهرة اختطاف الزوجة في ليلة زفافها من قِبل صديقاتها، قديمة وضاربة في جذور التاريخ.
وتتم هذه العملية بتمويه العروس وارتداء ملابس غير لافتة بعيدة عن ملابس الزفاف، وتختار إحدى الصديقات أن ترافقها إلى مكان مجهول لا تعرفه الأخريات، حتى لا يخبرن أصدقاء العريس به.
وعرف هذا التقليد شعبيا في موريتانيا بـ«الترواغ» ودائما ما يستميل الأهالي، في وقت يستنفرون أصدقاء العريس مطلقين إنذارات الطوارئ للبحث عن العروس.
كذلك، من المعروف أن النساء في موريتانيا لا يبُحن بعشقهن للزوج، ويعتبر هذا عيبا في المجتمع، لكنهن آثرن أن يخترن معرفة مدى الحب الذي يكنه لهن الأزواج عبر بحثهم المضني عن زوجاتهن.
قد يطول بحث الزوج وزملائه عن العروس، وقد يستغرق أياما، إلا أنهم مجبورون عن البحث عنها، وإذا وجدوا أنفسهم مرهقين قبل معرفة مكانها، تظهر فجأة العروس تحت إطلاق الزغاريد وعلى وقع قرع الطبول.
ولا يتوقف يوم العريس الطويل والشاق عند معرفة مكان زوجته، فيخضع بعد ذلك لمناورات لا تقل صعوبة عن الامتحان السابق. إنه يتعرض لسيلٍ جارف من الأسئلة، وفي هذه الحالة لا يجد عونا له ، ثم يتحول الجميع في صف العروس وكذلك أصدقاؤه.
وتدور الأسئلة التي تطرح عليه حول موضوع واحد، ألا وهو حبه لعروسه، فيسألونه مثلاً: هل أنت حامد أم صابر؟ فإذا أجاب بأنه صابر، أخفق في الامتحان، ورُمي بعدم حب زوجته التي حَمَله على قَبولها الصَبرُ لا الحبُ. أما إذا قال إنه حامد، فإنه يجتاز الامتحان.
غير أن هذه «اللعبة» لا تجري بهذه السهولة، فقد تُستخدم فيها ألفاظٌ خفية لتضليل الزوج حتى يقع في الخطأ، لا سيما إذا كان غيرَ مُحنَك في هذا المجال.
فيقال له مثلاً: هل اتصلَ بك حامِد اليومَ؟، لإيهامه بأن شخصاً يُدعَى حامدا اتصل به. وأيضاً فإنَ الكلام قد يُحمَل هنا على عكس ما وُضِعَ له، فيُقال له: هل اتصلتْ بكَ سعيدة مثلا، وهي عَلَم لامرأة فيَظُنُ أنَ المراد امرأة ، فيقول : نعم ، فيقع في الفخ ، لأن «سعاد» في التعبير الرمزي الموريتاني تدل على النفور من الزوجة ، وكذلك جميع مشتقاتها في هذا السياق. فعلى الزوج أن يكون فَطِناً حذراً. ومع أن أصدقاءه حَرْبٌ عليه في هذه الحالة، فإنه لا يعدم منهم مَن يُلقِنه جوابَه الصحيح.
ورغم التطور المتسارع الذي تشهده موريتانيا، وظهور العولمة والتكنولوجيا التي تجرف التقاليد والأعراف، لم تندثر ظاهرة «الترواغ»، إذ ما زالت أحد طقوس المقدسة في الزواج التقليدي، وموروثا شعبيا في وقت تجد معارضة شرسة من قبل الرجال الذين يفضلون الزواج من دون اختطاف العروس.
المصدر: وكالات